للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أحمد بن خالد: بقى ابن وضاح يوما، لا قوت له، فحركته امرأته لطلب الرزق، ولامته على لزوم البيت.

قال: فخرجت وقد ضاقت على الأرض، فقلت: إلى من أقصد؟

فقصدت الله تعالى في المسجد الجامع، فكنت فيه إلى أن صليت العصر، فلما خرجت، قلت: إن رجعت إلى الدار بغير شيء ضيقت على المرأة، وفى الوقت فسحة.

فنويت زيارة إخوان لي في قرية المرضى، قال: فلما توسطت القنطرة، إذا غلام صديق لي، ومعه دابة موقرة بدقيق، وجرة زيت، فقال لي: لك أقصد، فلان يقرئك السلام، وقد بعث إليك بهذا.

فحمد الله، وسرت بذلك إلى دارى.

وذكر عن نفسه أن الحال آلت به بمصر، إلى أن استأجر نفسه من صاحب فندق، لكنس زبل الدواب، وطرحها على رأسه.

وكان له ثمانون يوما في السنة، يتورع فيها، ولا يشغل فيها نفسه بشيء، أربعون في السمائم، وأربعون في شدة البرد.

قال أحمد بن خالد: كان ابن وضاح يقول لي: إني لأدعو الله لكم في سجودى أن ينفعكم الله، لأنكم إذا انتفعتم انتفعت أنا بكم.

وكان يقول: أول العلم الصمت، والثانى حسن الاستماع، والثالث حسن السؤال، والرابع حسن الحفظ، والخامس حسن التخير، والسادس العمل به، والسابع الفرار من الناس، والثامن نشره، إذا لم يوجد منك بد.

وكان يقول: يقال: خير الدنيا ما لم تبتلوا به منها، وخير ما ابتليتم به منها ما خرج عن أيديكم، واعلموا أن ما سقط عن أيديكم رحمة لمساكنكم، فلا تعودوا فيه.