قال أحمد بن سعيد: كان عظيم القدر، جليل الحرمة، نافذ الأمر، تقيا، شيخا دينا صالحا عاقلا، تجرى كتبه بالمشرق، ويجوز أمره في الآفاق، وبجوده تضرب الأمثال.
وفيه يقول الشاعر:
وأنك غيث آخر الدهر هامع … كما أنت بدر آخر الليل طالع
وقد سرني أن فزت بالحمد والعلا … وأنك للدنيا والدين جامع
وقال ابن عبد ربه يرثيه:
* لقد فجع الإسلام منه بناصر … كما فجع الأيتام منه بوالد
بكته اليتامى والأيامى وأعولت … عليه الأسارى خابيات المواعد
وحكى النضر بن سلمة القاضي، قال: أتاني عبد الله بن يحيى وأنا قاض، في حياة بقى بن مخلد، فقال: لست والله أرضى أن تستشيرني مع بقى بن مخلد في مجلس واحد، فإن أردت شيئا فوجه في، في وقت، وفيه في آخر، ولا تجمعنا جميعا.
قال: فلم أمت حتى أرسل الأمير في ولد بقى بن مخلد، وفى عبيد الله، فشاورهما في مجلس واحد.
وعاد عبيد الله، أحمد بن بقى بن مخلد المذكور، من علة أصابته، فلما خرج لقيه بعض إخوانه، فقال له: بالأمس نابذت أباه، واليوم تواصل ابنه!
فقال له عبيد الله: لكل زمان حكمة، وقد مضى ذلك الزمان، وهذا زمان آخر، عمرى فيه مدبر، وعمر هذا الحدث وسؤدده مقبل، وأنا أكره أن أورث عداوته لولدى.
سمع منه الناس رواية أبيه، وكتبه، ومشاهد ابن هشام، وغير ذلك إليه.