ثم قرأ قارئ ﴿يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ (٣٩١) الآيات الثلاث، فصاح صيحة شديدة، ثم سقط على وجهه، فأقام ساعة، وأسنده إنسان إلى صدره، وكلم فلم يتكلم، وقد أغلق عينيه، ثم قاء شيئًا أخضر.
فلما انقضى المجلس، وختم بالدعاء، أردنا أن نحمله على دابة فلم نستطع، إذ كان لا يثبت، فجئنا بمحمل على جمل، فحمل، وأخرج من المسجد يبكى كأنه مأتم، وحمل في شق المحمل، وزامله ابن عم له، ثم أتى به إلى داره، فقاء شيئًا أخضر، ولم يتكلم.
وتركناه لشأنه، فلما كان بعد العشاء الآخرة، توفي ﵀، ولم يتكلم ولم يفتح عينيه.
وغلقت الحوانيت كأنه يوم عيد.
وحضرت غسله، وقد كسي نورا وبياض بدن.
وصلى عليه للعصر، وصلى عليه حمديس القطان، وفات كثيرًا من الناس الصلاة عليه لكثرتهم.
ونودى على جنازته: أيها الناس! لا تفتكم جنازة أحمد بن معتب شهيد القرآن.
قال بعضهم: ان ابن معتب ذلك اليوم مر في طريقه إلى مسجد السبت، بدار فيها غناء، فقرع الباب، فخرج إليه صاحب الدار، فاستأذنه في الدخول، فاستحيي صاحب الدار واعتذر، فقال: لابد.
فدخل صاحب الدار قبله، وغيب ما كان بين أيديهم من شراب، ثم أذن له، فدخل، وسلم، فقال: من المتكلم؟