قال: ولا توجه ورائى، ولا أهنى ولا أعزى ولا أشيع ولا أتلقى، فمتى لم تف لى بشرط عزلت نفسي.
قال: نعم.
وعرض عليه الصلة والكسوة فامتنع.
قال ابن حارث: قال عيسى بن مسكين لابن الأغلب: أنا رجل طويل الصمت، قليل الكلام، غير نشيط فى أمورى، ولا أعرف أهل البلد.
فقال لى الأمير: عندى مولى نشيط قد تدرب في الأحكام، أنا أضمه إليك، يكون لك كاتبًا، يصدر عنك فى القول فى جميع الأمور، فما رضيت من قوله أمضيت، وما سخطت رددت.
فضم إليه عبد الله بن محمد بن مفرح، المعروف بابن البناء.
قال المخبر: فكثيرًا ما كنت، آتي مجلسه وهو صامت لا ينطق، وابن البناء يقضى.
قال ابن البناء: فلقد دخلت يوما على الأمير إبراهيم، فقال: بلغنى أنك أنت تخاطب الخصوم وتفصل، وعيسى ساكت! ما أرى إلا أنه لم يقبل القضاء.
قلت: قد قبل، إلا أني أكفيه.
قال: امض، ولا تعلم أحدا بما بينى وبينك، فإذا حضر الخصمان فافصل بينهما بغير مذهبه، حتى ترى!