فكان من جملة ما سألوا ابن طالب عنه، أن قالوا له: دفعت من وصية فلان إلى فلان العباسى مائة دينار، ولغيره الدينار وأقل، وهو عندك ممن لا تحل له الصدقة لأنه من بنى هاشم.
فقصر في الأجوبة (٣٧٨)، ورد إلى السجن، فيحكى أن الشرط دفعوه، فكان يقول: يا فتيان! اذكروا النار.
وقال ابراهيم لابن عبدون: أحضره يوما آخر، وأحضر جماعة الفقهاء، حتى يتبين خطأه، فأنكل به.
وكان ابن الأغلب قد أحضر سعيد بن الحداد قبل، ليكون منه في ابن طالب ما كان من غيره، فأعان ابن الحداد ابن طالب، ووفى له، ودعا ابن الحداد ابنه وقال:
- تذهب إلى ابن طالب، فقد علمت كيف كان بره بنا، وقد صار إلى ما صار اليه، وذهب عقله وفهمه لعظيم محنته، وإنما يعد الاخوان لمثل هذا.
فكتب جميع أجوبة المسائل التي سألوه عنها، وأمره أن يحتج بها إذا سألوه، وقال له فى مسألة العباسي: انما حرمت الصدقات عليهم إذا كانوا يأخذون سهم ذى القربى، وأما الآن فالصدقة لهم حلال، لحاجتهم.
وقال لابنه: احذر أن يشعر بك أحد، وقل له: يقرأها في خلوته، وجئنى بها حتى يطمئن قلبي.
فحملها اليه، وجعل ابن طالب يختلف إلى المستراح، حتى وقف عليها وحفظ معانيها وتذكر ما أغفل لعظيم محنته بها وردها.
فلما كان اليوم الموعود، وأحضر وسئل، أجاب عن كل ما عجز عنه في الجمعة الأولى.
فاغتم لذلك ابراهيم، ورده إلى السجن، وعول على قتله.
(٣٧٨) أ، ك، م: فقصر فى الأجوبة - ط: فنظر فى الاجوبة.