وذكر أن غلاما راعيا ناوله سوطه وقد سقط، فوجه في مولاه، فاشتراه مع الغنم، وأعتقه، ووهب الغنم له.
وكان إذا رأى بعض الرجال في الشتاء ليس عليه دثار، نزع فروه وبعض كسوته عن جسده، وكساه.
وشكا إليه رجل بتعذر جهاز ابنة له زوجها، وكانت لابن طالب ابنة تخرج إليه من عيد إلى عيد، فقال لأمها: أحب أن تريني ابنتي، وتلبسيها حليها، وثيابها أجمع.
ففعلت، وأخرجت إليه، ففرح بها واستبشر، ثم قال لها ولأمها: أن فلانا شكا إلى كذا، وأنا أحب أن أدفع له جميع ما على ابنتي من حلى وثياب، يجهز به ابنته، وعلى أن أعوض ابنتى منه بما هو أكثر.
فدفعتاه إليه.
حكى المالكي عن محمد بن عمر: أنه ولى القضاء ومعه ثمانون ألف دينار، فلم يقبل حتى تصدق بجميعها أيام قضائه.
قال: وكان رجل من العراقيين ينال من ابن طالب، فتوفيت أم ولده، وكان مقلا، فقال له بعض إخوانه: لو قصدت ابن طالب وسألته أن يصلى على جنازتك، نلت منه خيرا.
قال الرجل: كيف أقصد لمن سبق منى فيه غير جميل؟
فقيل له: الرجل كريم.
وكان ذلك الوقت ابن طالب معزولا عن القضاء عزلته الأولى.
فمضى إلى ابن طالب، وعرفه، وسأله الصلاة، فوعده بالمجيء وقت الصلاة، ففعل، وصلى.
فلما كان اليوم الرابع، وجه ابن طالب في طلبه، فأتاه، فقال له: أكرمك الله! صرت لنا كالأخ، وأحببت أن أكلفك بعض حوائجي، وذلك أن تشترى لي جارية نظيفة أديبة، على ما يحسن عندك.