للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الفرضى: وكان يذهب في الأشربة مذهب أهل العراق، وكانت فيه دعابة، له فيها أخبار فاشية محفوظة، من غرائبها التي كفت من غربه، أنه كان يمازح كثيرا أبا عقبة الأسوار بن عقبة، ويكنيه أبا عقبة بفتح العين والقاف، فلما ولى الأسوار القضاء بقرطبة، أتاه محمد بن عيسى، فشهد عنده مع آخر من أهل القبول، فأعلم على اسم ذلك دونه، وقال له: زدني بينة. وذلك بمحضر الأعشى.

فقال له الأعشى: أظنك أكرمك الله لم تقبل شهادتى!

فقال له: أنت أكرمك الله جاد في شهادتك هذه أو هازل؟ فاني أعرفك كثير الهزل، فعرفنى، أن كنت صدعت بها عن حق، فمثلك لا ترد شهادته، وإن كانت من أهزالك فقد وقفتها.

فقام عنه الأعشى منقطع الحجة، فكان يقول بعد ذلك: قاتل الله الأسوار، فلقد قطعنى عن كثير مما كنت استريح إليه من الدعابة بعد مجلسي معه، فلربما هممت بالشيء، فأذكر كلامه لي، فيقبضني.

* * *

قال أحمد بن سعيد، وعوتب في كثرة دعابته، وأن يتركها، فقال: على لم يتركها للخلافة، فأتركها أنا للشهادة والعدالة!!

قال أحمد بن عبد البر: كان خيرا، عاقلا حليما جوادا.

روى عنه بقي بن مخلد، وأصبغ بن خليل، ونظراؤهما.

وأصاب الناس مسغبة، وغلا السعر جدا، فأمر مناديا ينادى في الناس: من أحب أن يبتاع طعاما بسعر يومه، بتأخر عام، فليأت وكيل محمد بن عيسى.

وأمر وكيله بذلك، فبادر الناس، فأخذوا منه، حتى أوقف الهرى (١٢٣) الذي أباحه لهذا.


(١٢٣) ط: الهري - أ، ك: الهدي - م: غير واضحة - والهري بضم الهاء، بيت كبير يجمع فيه القمح ونحوه، والجمع أهراء.