للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له سحنون مجيبا: اليوم عمل، وغدا حساب، وما بعد غد جزاء.

فلما ولى تبعته، حتى دخل المقبرة، فلما خفت فواته قلت له: بالله قف لي!

فقال: ما تريد؟ أنا رجل من الجان، كنت أغشى مجلس أبي سعيد، أسأله عن مسائل، فقد حرمتنى المسائل.

ثم غاب عني، فحضرني الخروج إلى الحج، فبينا أنا في الطواف، إذ جبذ بثوبي من ورائي، فالتفت، فإذا بالجنى، فسلم على، وأخبرني بخبر من خلفته، ثم قال لي: رأيت الطلبة يختلفون إلى شيخ!

فمضيت إلى الرجل معه، فلما أشرفنا على الجماعة، جبذني الجنى بثوبي، وقد تغير لونه، وقال لي: هذا إبليس، والله لو رآني لقتلني.

قلت له: فما العمل؟

قال: ارجع فالطمه للرأس، وقل له: يا لعين! يا ملعون! ايش أتى بك ها هنا؟

ففعلت، فاضمحل حتى صار مثل الدخان، وأخبرت الطلبة بالقصة، فعجبوا، وخرقوا ما كتبوا عنه.

وحكى ابن اللباد هذه الحكاية، وزاد في أولها: كان فتى يغشى مجلس سحنون، ذو سكينة وصمت، لا يتكلم، فإذا كان آخر المجلس، سأله عن ثلاث مسائل أو أربعة ونحوها، ويستغرب (٩٥)، لا يعرفه أحد من الطلبة، فشغل أحد الطلبة به نفسه، واتبعه حتى خرج.

وذكر الحكاية، وفيها زيادة ألفاظ، وفيها: وها هنا قوم من صالحي الجن، فهم يرسلوننى أسأل لهم عن دينهم وما يحتاجون إليه، فقد قطعت حظهم من ذلك. (٩٦).


(٩٥) ك: ويستغرب - م: ويستقري.
(٩٦) سقط من نسخة م من قوله هنا: "من ذلك" إلى قوله: "عهدي بهم" وذلك نحو من عشرين كلمة.