للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان الحارث يوقف الأصم كل يوم، فيضربه عشرين سوطا، ليخرج ما وجب عليه من الأموال. أقام على ذلك أياما.

فقال بعضهم للحارث: أنه قبيح بالقاضي أن يتولى مثل ذلك فخلى عنه.

وألقيت إليه سحاءة، فيها مكتوب: ميزان حراني وصنجات ناقصة!

فلما قرأها استبدل بكتابه وأعوانه غيرهم.

وكان كاتب الحارث أبو إسحاق القسطال، وعلى مسائله عمر ويزيد ابنا يوسف بن عمر.

* * *

وقال أبو عمر الكندى: وحكم الحارث في حبس بمذهبه مذهب مالك، بإخراج أولاد البنات منه، فشكا أصحابه ذلك إلى المتوكل، فأفتى أهل العراق على مذهبهم، وخطأوا الحارث، ونقضت القضية، فاستعى الحارث إذ ذاك، فأعفى.

وكان في كتاب استعفائه: انتهى إلى أمير المؤمنين أن كتابا وصل باستعفائك فيما تقلدت من القضاء بمصر، فأمر أيده الله بإجابتك إلى ذلك، وإعفائك مما تقلدت منه، إسعافا لك بما سألت، وتفضلا بما أدى إلى موافقتك فيه، فرأيك أبقاك الله في معرفة ذلك والعمل على حسبه.

وذلك سنة خمس وأربعين ومائتين، فكان أمد قضائه سبع سنين وأحد عشر شهرًا.

وولى بعده بكار بن قتيبة، فلم يكشف أحدا من أصحاب الحارث، وقال: حارث في فضله ودينه، أعلم بأهل بلده منى، إلا أن تتبين لي جرحة.

وذكر أبو عمر الصدفى: أن رجلا أتى الحارث برجل معه نصرانية، معها ابن صعير، أراد أن يبيعها من نصراني، فذكر ذلك للحارث، فقال له الحارث: فما أصنع به؟