قال: اذهب للحارث، فاقرأه منى السلام، وقل له: تقضى بين الناس، بأمارة أنك كنت في الحبس بالعراق، فقمت من الليل فعثرت، فنكبت أصبعك، ودعوت بذاك الدعاء، فنجيت من الغد (٥٤).
فقال له الحارث: صدقت، وهذا شيء ما اطلع عليه أحد إلا الله تعالى.
فسألته عن الدعاء، فقال: يا صاحبي عند كل شدة، ويا غياثي عند كل كربة، ويا مؤنسى في كل وحشة، صل على محمد وعلى آل محمد، واجعل لي من أمرى فرجا ومخرجا.
* * *
قال: ودعى إلى لباس السواد فأبى من ذلك، فخاطب الوالى المتوكل، فورد كتابه: إن لم يلبس السواد فاخلع وركيه.
فوجه الوالى وراءه رسلا، فأسلمه القريب والبعيد.
قال الطحاوى عن محمد بن سعيد: فلقيته والرسل تزعجه، وقد وله، فعلمت أنه قصد وجها من الحق خالف فيه هوى السلطان، فدنوت منه، وقلت له سرا: يا شيخ! لا يهولنك ما ترى، فإن إبراهيم أسلمه أهل الأرض فلم يضره، لما كان الله له.
فاعتنقنى وقال: أحييتني والله يا أخى بهذا الكلام، فأحياك الله سعيدا.
فلما أتى به إلى الوالى، أمر بكتاب المتوكل فقرئ عليه، فامتنع من لباس السواد، فقال رجل من ناحية المسجد: إن الشيخ رأيته يلبس هذه الثياب العرجية، التي تعمل باليمن.