فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه، فقال له مالك: ما لك لم تخرج فتراه، اذ ليس بأرض الأندلس؟
فقال له يحيى: إنما جئت من بلدى لأنظر اليك؛ وأتعلم من هديك وعلمك، لا إلى النظر إلى الفيل؛
فأعجب به مالك وسماه العاقل.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان يحيى امام أهل بلده، المقتدى به، المنظور إليه، المعول عليه، وكان ثقة عاقلا حسن الهدى والسمت، يشبه سمته سمت مالك، ولم يكن له بصر بالحديث.
قال إبراهيم بن باز: والله الذى لا الاه إلا هو، ما رأيت أوقر من يحيى بن يحيى قط، ما رأيته يبصق ولا يسعل في مجلسه، ولا يتحرك عن حاله، وكان أخذ بزي مالك وسمته.
قال يحيى: لما ودعت مالكًا سألته أن يوصينى فقال لى: عليك بالنصيحة الله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، ثم قدمت على الليث فلما حان فراقي آياه، قلت له مثل مقالتى لمالك، فقال لى مثل قوله سواء.
قال ابن حارث: كان يحيى لا يرى القنوت في الصبح ولا غيرها، اقتداء بالليث، وخالف أيضًا مالكا في الأخذ باليمين مع الشاهد، فلم ير القضاء به، وأخذ بقول الليث أيضًا فيه، وقضى بدار أمين إذا لم يوجد من أهل الزوجين حكمان، ورأى كراء الأرض بما يخرج منها على مذهب الليث.
وذكر أبو عبد الملك بن عبد البر أن يحيى كان لا يرى الحكمين، وأن ذلك مما أنكر عليه، وكان يأتى الجمعة معتما راجلا.