قال الواقدي: كان لي صديقان أحدهما هاشمي، فنالتنا ضيقة، فقالت لي امرأتي: أما نحن فنصبر على البؤس والشدة، وأما صبياننا فقد قطعوا قلبي، فلو نظرت لهم في شيء تصرفه في صلاح شأنهم؛
فكتبت إلى صديقي الهاشمي، أسأله التوسعة بما حضره، فوجه إلي كيسا مختوما، ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراره، حتى كتب إلى الصديق الآخر، يذكر مثل شكواي، فوجهت إليه بالكيس كهيئته، وخرجت إلى المسجد فبت فيه حياء من امرأتي، ثم رجعت فاستحسنت فعلي، إذ وافى صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال: اصدقني عن الأمر، فأخبرته؛
فقال: وجهت إلى وما أملك إلا ما بعثت به إليك. وكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه إلي بكيسي بخاتمي؛
قال: فتواسينا الألف، وقسمناها بيننا أثلاثا، بعد أن أخرجنا إلى المرأة مائة درهم، ونمى الخبر إلى المأمون، فدعاني فشرحت له الأمر، فأمر لي بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألفان وللمرأة ألف.
* * *
وقد ذكر في رواية أخرى في هذا الخبر نحوه، وأن البرمكي وجه فيه، وقال له: رأيتك البارحة في المنام بحالة دلت على شدة، فاشرح لي أمرك. فذكر له القصة، فقال: ما أدري أيكم أكرم؟ وأمر لي بثلاثين ألف درهم، ولهما بعشرين ألفا، وقلدني القضاء؛ ولم يذكر فيها المأمون.
قال الواقدي: لقيت أشعب يوما، فقال لي: يا ابن واقد، وجدت دينارًا فكيف أصنع به؟.