للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبال مصعب: لما قدم المهدى المدينة، استقبله مالك وغيره من أشرافها على أميال، فلما بصر بمالك، انحرف (٢٢٧) المهدى إليه، فعانقه وسلم عليه وسايره، فالتفت مالك إلى المهدى فقال:

يا أمير المؤمنين! إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك، وهم أولاد المهاجرين والأنصار، فسلم عليهم، فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ولا خير من المدينة.

فقال له: ومن أين قلت ذلك يا أبا عبد الله؟

قال: لأنه لا يعرف قبر نبى اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد ، ومن كان قبر محمد عندهم، فينبغي أن يعلم فضلهم على غيرهم.

ففعل المهدى ما أمره به مالك، فلما دخل المدينة ونزل، وجه ببغلته إلى مالك ليركبها ويأتيه، فرد البغلة وقال: إني لاستحيى من الله أن أركب في مدينة فيها جثة رسول الله ، وأتاه ماشيا، وكانت به علة، فاتكأ على المغيرة المخزومي وعلى ابن حسن العلوى، وعلى بن أبي على اللهبى، وهؤلاء علماء المدينة وأشرافها، فلما بصر به المهدى قال:

يا سبحان الله! ترك ركوب البغلة إجلالا لرسول الله ، فقيض الله له هؤلاء فاتكأ عليهم، والله لو دعوتهم أنا إلى هذا ما أجابونى.

فقال المغيرة: يا أمير المؤمنين! نحن قد افتخرنا على أهل المدينة، لما اتكأ علينا.

- * -

واستسقى مالك عند المهدى، فأتى بقدح زجاج في أذنه حلقة فضة، فأبى أن يشرب به، فأتى بكوز فخار فشرب، فأمر المهدى بالحلقة فقلعت.

- * -


(٢٢٧) ك: انحرف ا: انجذب.