فقال له مالك: أقرئ أمير المؤمنين السلام وقل له: قال رسول الله ﷺ: "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" والمال عندى على حاله، يا جارية! أخرجيه.
فأبى الربيع أن يقبله، فلم يزل به مالك حتى أخذه. فأتى الربيع المهدى، فغمه رد المال، فلما كان وقت رحلته شيعه الناس، فوصلهم، ووجه إلى مالك فودعه ولم يأمر له بشيء، فلما أتى منزله وجه له ستة آلاف دينار، فالتفت إلى من كان حاضرا فقال:
من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا مما ترك.
- * -
وقال لمالك بعض ولاة المدينة: لم لا تخضب كما يخضب أصحابك؟ فقال له مالك: لم يبق عليك من العدل إلا أن أخضب!
وأثنى قوم على والى المدينة بحضرته عند مالك، فغضب مالك ثم التفت إليه وقال:
إياك أن يغرك هؤلاء بثنائهم عليك، فإن من أثنى عليك وقال فيك من الخير ما ليس فيك، يوشك أن يقول فيك من الشر ما ليس فيك، فاتق التزكية منك لنفسك، أو ترضى بها من أحد يقولها لك في وجهك، فإنك أنت أعرف بنفسك منهم، فإنه بلغنى أن رجلا امتدح رجلا عند النبي ﷺ، فقال له النبي ﷺ:"قطعتم ظهره، أو "عنقه"، لو سمعها ما أفلح".
وقال النبي ﷺ:"احثوا التراب في وجوه المادحين"(٢٢٢).