للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن أبي أويس: قيل لمالك: قولك في الكتب (١٦١): "الأمر المجتمع عليه" و "الأمر عندنا" أو "ببلدنا" و "أدركت أهل العلم" و "سمعت بعض أهل العلم"؟

فقال: أما أكثر ما في الكتب "فرأيى" فلعمرى ما هو برأيي، ولكن سماع من غير واحد من أهل العلم والفضل والأئمة المقتدى بهم الذين أخذت عنهم، وهم الذين كانوا يتقون الله، فكثر على فقلت: "رأيي" وذلك رأيي إذ كان رأيهم مثل رأى الصحابة، أدركوهم عليه، وأدركتهم أنا على ذلك، فهذا وراثة توارثوها قرنا عن قرن إلى زماننا.

وما كان "أرى" فهو رأى جماعة ممن تقدم من الأئمة.

وما كان فيه "الأمر المجتمع عليه" فهو ما اجتمع عليه من قبول أهل الفقه والعلم لم يختلفوا فيه.

وما قلت: "الأمر عندنا" فهو ما عمل الناس به عندنا، وجرت به الأحكام، وعرفه الجاهل والعالم.

وكذلك ما قلت فيه "ببلدنا" وما قلت فيه: "بعض أهل العلم" فهو شيء استحسنته من قول العلماء.

وأما ما لم أسمع منه (١٦٢)، فاجتهدت ونظرت على مذهب من لقيته، حتى وقع ذلك موقع الحق أو قريبا منه، حتى لا يخرج عن مذهب أهل المدينة وآرائهم، وإن لم أسمع ذلك بعينه، فنسبت الرأى إلى بعد الاجتهاد (١٦٣) مع السنة، وما مضى عليه أهل العلم المقتدى بهم، والأمر المعمول به عندنا منذ لدن رسول الله والأئمة الراشدين، مع من لقيت، فذلك رأيهم ما خرجت إلى غيرهم.


(١٦١) أ: في الكتب - ك: في الكتاب.
(١٦٢) أ: ما لم أسمع منه - ك: ما لم أسمعه منهم.
(١٦٣) ك: فنسبت الرأي إلى بعد الاجتهاد - أ: فنسبت الرأي إلى نص الاجتهاد.