للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فإن جاء رجل فكلمناه فغلبنا؟ قال اتبعناه.

فقال له مالك: يا أبا عبد الله! بعث الله محمدا بدين واحد، وأراك تنتقل، وقال عمر بن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل.

وقال مالك: ليس الجدال في الدين بشيء.

وقال مالك: المراء والجدال في العلم يذهب بنور العلم من قلب العبد.

وقال: إنه يقسى القلب ويورث الضغن.

قال الزهرى: رأيت مالكا، وقوم يتجادلون عنده، فقام ونفض رداءه وقال: إنما أنتم حرب.

قال الهيثم بن جميل: قيل لمالك: الرجل له علم بالسنة يجادل عنها؟ قال: لا، ولكن ليخبر بالسنة فإن قبل منه وإلا سكت.

قال أبو طالب المكى: كان مالك أبعد الناس من مذاهب المتكلمين، وأشدهم بغضا للعراقيين، وألزمهم لسنة السالفين من الصحابة والتابعين.

- * -

قال سفيان بن عيينة: سأل رجل مالكا فقال: "الرحمن على العرش استوى" (٦٦)، كيف استوى يا أبا عبد الله؟ فسكت مالك مليا حتى علاه الرحضاء (٦٧)، وما رأينا مالكا وجد من شيء وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثم سرى عنه فقال:

- الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعة، والإيمان به واجب، وإنى لأظنك ضالا، أخرجوه!

فناداه الرجل: يا أبا عبد الله، والله الذي لا إله إلا هو، لقد سألت عن هذه المسألة أهل البصرة والكوفة والعراق فلم أجد أحدا وفق لما وفقت له.


(٦٦) الآية ٤ من سورة طه.
(٦٧) بضم الراء وفتح الحاء، العرق الشديد.