للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا هو المشهور من سماع أصحاب مالك أنهم كانوا يقرأون عليه، وسيأتي من أخباره ما يعضد هذا كثيرا، إلا أن يحيى بن بكير ذكر أنه سمع الموطأ من مالك أربع عشرة مرة، وزعم أن أكثرها بقراءة مالك، وبعضها بالقراءة عليه.

وعوتب مالك في تقديمه الإذن لأصحابه، فقال: أصحابي وجيران رسول الله .

***

قال إسماعيل بن حماد: أتيت مالكا فرأيته جالسا في صدر بيته، وأصحابه بجنبتي البيت.

وقال أبو مصعب وابن الضحاك ومطرف والهديرى وعبد الملك وابن مسلمة وغير واحد من أصحابه: كان جلساء مالك كأن على رؤوسهم الطير سمتا وأدبا.

وقال ابن حبيب: كان مالك إذا جلس جلسة لم يتحول عنها حتى يقوم.

***

قال مطرف: وكان مالك إذا أتاه الناس خرجت إليهم الجارية فتقول لهم: يقول لكم الشيخ: تريدون الحديث أو المسائل؟ فإن قالوا: المسائل، خرج إليهم فأفتاهم، وإن قالوا: الحديث: قال لهم: اجلسوا، ودخل مغتسله فاغتسل وتطيب، ولبس ثيابا جددا، ولبس ساجة (٥)، وتعمم، ووضع على رأسه طويلة (٦)، وتلقى


(٥) الساجة: ضرب من الملاحف، الطيلسان الواسع المدور - وفي نسخة ا: "ولبس ساجه".
(٦) الطويلة: لباس للرأس، فقد ورد في الجزء الأول من هذا الكتاب قول الإمام مالك نفسه يحدث عن ابتداء طلبه للعلم: "قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم. فقالت: تعال فالبس ثياب العلم، فالبستني ثيابا مشمرة، ووضعت الطويلة على راسي، وعممتني فوقها، ثم قالت: اذهب فاكتب الآن".
وقد فسرها الأستاذ أمين الخولي بأنها قلنسوة مفرطة الطول، تعمل من كاغد ونحوه على قصب، انظر كتاب "مالك بن أنس" للأستاذ أمين الخولي ص ٥٠.