للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنكر؟ قال: أي والله - المنكر، قلت: ما هو - رحمك الله؟ قال: قشور قرع ملقاة على بابي، رماها أهلي، يمشون عليها وفيها قوت، أيموت أحد جوعا وهو يجد قشور قرع [١]؟ ثم جمعها فطبخها لقوته، قال: وكان عند أبي إسحاق في شبيبته [٢] زيت حصل له من التعليم، فمرت على الناس شدة، فقيل له: تبيع هذا الزيت بالدين؟ فقال: نعم، لكني لا أعامل من له ذمة، إنما أعامل الفقراء، ومن لا ذمة له، فباعه منهم، فلما وجب البيع، قال: لي عليكم أن لا يأتيني أحد بشيء مما عليه حتى أقتضيه منه؛ فلما زالت الشدة وأيسر [٣] بعضهم، أتاه بالثمن، فقال له: ما هكذا بيني وبينكم، ثم ترك جميع ذلك لهم. وختم عليه صبى، فأتاه بدينار، قال له شيخ من أصحابه: أعطني هذا الدينار أعمل لك فيه، ففعل، قال: فلم أزل أتجر به [٤] سنين [٥] كثيرة حتى حصل به من الزيت ما يساوي ستين دينارا، وغلا الزيت، فأخبرته بذلك، فحمد الله وأثنى عليه، وقال لي: إذا أتتك رقعتي بخطي، فاعمل على ما فيها؛ فكانت رقعته تأتيني بيد فقير فيها: بسم الله الرحمان الرحيم، جبر الله - يا أخي - قلبك، وغفر ذنبك، تدفع إلى موصل رقعتي كذا وكذا، والسلام عليك [٦]، وصلى الله على محمد وعلى آله [٧] وسلم. وهكذا كانت كتبه، ثم صلى على جنازة فقال لي: بقي من ذلك الزيت شيء؟ قلت: لا، إلا شيء من عكر ففرقه، وانصرف منه بنصف قفيز [٨] لا غير ذلك. ورغب إليه رجل من الصالحين في حصار أبي يزيد واشتداد الحال في دينار يقبله منه قرضا، إذ [٩] علم أنه لا


[١] نيئ: م - أ ط.
[٢] شبيبته: أ ط. سنته: م.
[٣] وأيسر: م، وتيسر: أ ط.
[٤] به، أ ط. له: م. له: أ ط. به: م.
[٥] سنين: أ ط، مائة: م.
[٦] عليك: أ ط - م.
[٧] وصحبه: م - أ ط.
[٨] قفيز: م. قفير: أ ط.
[٩] إذ: أ ط. إذا: م.