للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاده مرة [١] من مرض عراه [٢]، حسراني الكاتب اليهودي، فلما استأذن عليه انزعج الشيخ لذلك، وتقدم فقلب [٣] فرش بيته [٤]، وكشف الطريق إليه، ودعا بدفة باب الكنيف ووضعت [٥] بين يديه ليجلس عليها [٦]، وأبطأ [٧] عن اليهودي الإذن، إلى أن هيئ ذلك كله، فلما دخل ورأي الهيئة، حدس بفطنته على ما أراده، فتوقف عن دخول البيت [٨]، واكتفى بالسؤال والدعاء، إظهارا لإعظام الشيخ، ثم انصرف ولم يستجلسه.

ومن فضائله المشهورة، أن الناصر أخذته الجمعة يوما بقرطبة - أيام تولي ابن المشاط الخطبة، وكان مطيلا لها، فلما خرج الناصر للصلاة، دعا وزيره أبا عثمان بن إدريس، وأوعز [٩] إليه أن يذكر لابن المشاط في تخفيف الخطبة [١٠]، ففعل، وألطف له القول وقال له -: إن الناصر يجد صداعا في رأسه، هو الذي أمسكه عن الحركة إلى الزهراء، ورأى أنه في حرج عن التخلف عن [١١] الجمعة، فهو يريد عونه عليها، بالتخفيف عنه والرفق به.

فقال له: سمعت قولك والله الموفق لما يزلف [١٢] منه.

فلما انقضى الأذان، وخرج الناصر إلى مصلاه - جانب المنبر، قام ابن المشاط للخطبة، فترسل في منطقه، واحتفل في افتتاحه وتحميده، والصلاة على رسوله، ثم أخذ في الوعظ فقال: عباد الله: روى في الحديث أنه يحشر يوم


[١] من: ط م. في: أ.
[٢] عراه: أط، اعتراه: م.
[٣] فقلب: ط. في قلب، أم.
[٤] بيته: ط م. يليله: أ.
[٥] فوضعت، أط، ووضعت: م.
[٦] عليها، ط م. إليها، أ.
[٧] وأبطأ، ط م، فأبطأ: أ.
[٨] البيت: أم. الباب: ط.
[٩] وأوعز: ط. وأوعد: أ. وأوصى: م.
[١٠] الخطبة، ط م. الصلاة: أ.
[١١] عن: ط م، من: أ.
[١٢] يزلف: أ م. يزدلفه: ط.