للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شديد البر بوالدته [١]، ذكر أنه كان له أخ مقل، اشتدت به الحال في بعض السنين الشديدة، فشكا إليه ضيقه [٢]، فتوجع له ودعا، فانصرف إلى أمه - وذكر لها ما به، وقال لها أتيت الفقيه أخي، فما زاد على الدعاء.

وانصرف أبو إبراهيم آخر النهار، وقد اتجر في سوقه، وباع كتانا ربح فيه ما اشتري به قوته: ربع دقيق، وثمن زيت، فجاء بذلك إلى داره، فاستقبلته أمه، وعاتبته على منع أخيه من مواساته، فاعتذر لها بقلة ذات يده، وأنه ما كان يملك إذ جاءه قطعة يواسيه بها، وما اشترى ما اشترى إلا من كتان باعه، فقالت له: سخطي عليك، لتحملن ما جئت به على رأسك إلى دار أخيك - تكفيرا لردك له - ففعل.

وراوده الحكم على أن يأتيه بابنه أحمد - وهو يومئذ صغير، وأظهر له حب ذلك، وعزم عليه فيه، فقال له: يا أمير المومنين! أما الآن، فلا يصلح لذلك، ولأن آراه ميتا - وهو واحدي - أحب الي من أن يقول الناس: هذا الشيخ المرائي، استجلب بولده دراهم السلطان. فأعفاه الحكم من ذلك.

قال تلميذه وقريبه قاسم بن ارفع رأسه: تركني أبي واخوتى في حجر أبي إبراهيم، فكفلنا وربانا وعلمنا، ففتح الله علي ببركته، فلم يكن في قلبي أحد أعظم منه، فإنى يوما خارج إلى صلاة العصر [٣]، إذ فتح بابه، فالتفت فإذا به ورائي يريد [٤] ما أريده، فتوقفت حتى لحقني، فسلمت عليه، فرد علي - مغضبا، وقال لى: يا قاسم! قط [٥] ما كان هذا تقديرى فيك، فيا ليتني ثكلتك ولم أرك صنعت ما


[١] بوالدته، ط م. بوالديه، أ.
[٢] إضافة: أ، ضيقه، ط، ضعفه: م.
[٣] العصر، ط م، المغرب، أ.
[٤] مثل: م - أط.
[٥] يا قاسم قط: ط م. قط يا قاسم: أ.