للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو بكر بن عبد الرحمان: بلغني أن أهله اشتروا له جارية، وزينوها فأدخلوها عليه، فلما كان الليل، أخذ الكتاب، وكتب الليل كله، ولم يلتفت إليها، وأقام على ذلك نحوا من شهر، فلما طال على الجارية ذلك، قالت له: إن كان ليس لك بي غرض فبعني.

قال لها: ومن أنت؟

قالت: جاريتك.

قال لها: أنا ما اشتريت جارية، أمضى إلى من اشتراك يبيعك.

ففعلت، فأقام على حاله إلى أن مات.

وكان القابسي يقول - لمن قال: لم يدرك يحيى بن عمر إلا مغلوبا -: بل أدركه صحيحا، ولكن كان أبو محمد أولا منقطعا، فلهذا لم يسمع من يحيى.

وحكى أن النعمان قاضى الشيعة، مر به بباب داره، فقال: السلام عليك يا أبا محمد.

فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.

وكرر عليه، فرد مثله، فلما انصرف النعمان قال له من حوله: تكون قاضي قضاة السلطان وداعيته، تسلم على ناصبي فما رد عليك، أذللت نفسك وأذللتنا.

فرجع إليه يتوقد غضبا، فلما رآه أبو محمد، قام وجعل يده على أذنه وقال: جعلت أذنك قمعا لمن يقرب إلى النار لحمك ودمك.

فقال: صدقت يا أبا محمد.

فانصرف قائلا لأصحابه: هذا ليس من أهل * الدنيا فيتم فيه ما نريد.

ولقيه أبو هاشم قاضى القيروان، في حفدته، فترجل له وسلم عليه، فعاتبه ابن مسرور في دخوله في قضاء القوم، فاعتذر له وقال له: هل لك من حاجة؟