الصقلى، إلى أن هزموا الأعصم، وفر أمامهم إلى بلده الإحساء، وذلك في سنة أربع وستين.
وانبعثت عساكرهم، فخرج أبو بكر النابلسى من الرملة خائفا منهم إلى دمشق، فلما حصل بها قبض عليه بعض عظمائها، وحمل إلى مصر مع ابنه من جملة الأسرى الذين قبض عليهم في الهزيمة، وكانوا نحو ثمانمائة، فشهروا على الجمال، وأمر بضرب أعناقهم على النيل، ورمى جثتهم به، إلا النابلسى فإنه أمر أن يسلخ من جلده بعد أن قتل ابنه بين يديه فرمى بنفسه لما سمع ذلك عن الجمل الذي كان عليه" (٨٤١). وقال لجوهر: عرف السلطان أنى أفدى نفسى لخمسمائة ألف.
فدخل جوهر ثم خرج فقال: اذهبوا به واسلخوه.
فرمى بنفسه ثانية، فلطم شديدا، وحمل إلى المنظر، فبطح على وجهه بالأرض، وجلس على صدره ووركيه، ومسك جدا، وشق السلاخون عرقوبيه، ونفخ كما تنفخ الشاه، ثم سلخ، وهو في كل هذا يقرأ القرآن بصوت قوى وترتيل، إلى أن انتهى السلخ إلى كتفيه، فتغاشى، ثم مات، فصلب جسده بناحية، وجلده بعد أن حشى بناحية، رحمة الله عليه.
وذكر أبو الحسن بن جهضم في كتابه، في صدق فراسة المومن، قال: لما قدم أبو الحسن على بن محمد بن سهل الرملة، خرج إليه جماعة يلقونه، ومنهم والد أبى بكر النابلسى، وابنه أبو بكر معه، فلما نظر الشيخ إليه قال: مرحبا بشهيد مصر.
وكان هذا في سنة عشرين، واستشهد في التاريخ المتقدم بعد هذا بنيف وأربعين سنة.
وذكر ابن جهضم أن قتله كان سنة ثلاث وستين، والأول أصح.
قال ابن سعدون: لما أتى بأبى بكر، وبابنه أسيرين، اختار الشيخ أن يقتل ابنه قبله، حتى يحتسبه ويكون في ميزانه، فكان ذلك،