للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن يشتكى داء وأنت دواؤه … وأنت له برء من الداء نافع

فقال: لا والله، لا أرضى يا أبا عمر.

ثم أدخلني إلى بيته، وأجلسني صدره، وأخرج من تابوت منديلا بكسوة فيها ظهارة (٥٥٣)، وغلالة، ورداء، وزوج سراويل، وقلنسوة، وعمامة، وزوجا جرموق (٥٥٤) جديدان بجوربين، وزوجا خف جديدان، ثم قال لى: افتح التويبيت الذى وراء ظهرك * فاستخرج منه الكيس الذي فيه.

ففعلت، فأقسم لى ان كنت أمنك زينة غير ما في هذا المنديل، ولا من الناض غير هذه الخمسة والعشرين دينارا، فأقبل جميعه مباركا لك فيه، ولا تستقله، فهو جهدى.

فقلت: سبحان الله يا سيدى! انما كانت الغاية كبش الضحية.

فقال لى: وكان يصلح أن أجيز مثل هذا الشعر بكبش، وهو: "ومن ان توارى جسمه" البيت. انى اذن لغبى الرأي، خذ خذ فنهضت مسرورا.

وذكر أنه عكف مدة على كتاب العروض حتى حفظه، فقيل له في ذلك، فقال: حضرت قوما يتكلمون فيه، فأخذنى ذل في نفسى أن يكون باب من العلم لا أتكلم فيه.

قال ابن حزم: كان بصيرا بالمسائل والنحو والغريب، فصيحا كأنه أعرابي محض، حسن المناظرة والتكلم في الفقه وجميع الفنون، وكان هم أن يجمع المدونة كلها (٥٥٥) فى كتاب يشير إلى معانيها، فاذا تصفحه أحد، تذكر به كل شيء فيها.

وزهد بعض الناس فى الاخذ عنه.


(٥٥٣) الظهارة، بكسر الظاء، ما يظهر للعين من الثوب، ولا يلى الجسد، وهو خلاف البطانة.
(٥٥٤) الجرموق، بضم الجيم، الخف القصير، يلبس فوق خف.
(٥٥٥) أ ط: وكان هم أن يجمع المدونة كلها - م: وكان يحفظ المدونة كلها.