للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له: ما الذى كتبت من الكتب؟

فأشار الأندلسي إلى كمه، فأخرج كتابًا من بعض المسانيد، فقال له سعيد: اقرأ منه شيئًا،

فقرأ عليه حديثًا واحدًا، فلما أكمله قال له سعيد: ضع الكتاب من يدك، ثم أخذ يفسر ذلك الحديث ويلخص معانيه، ثم قرأ عليه آخر فأملى عليه تفسيره، ثم ثالثا، فقال له الأندلسي: ما بي (١٩٤) حاجة إلى التقدم إلى المشرق، لأني أعلم أنى لا ألقى مثلك.

"وقال له آخر: لو دخلت المشرق أبا عثمان بالغداة لخرجت منه بالعشى، لأنى أظن أنى لا أرى مثلك" (١٩٥).

وكان عالمًا بأخبار أفريقية وعلمائها.

وكان رجل من الخوارج يعرف بنصر بن زوراع (١٩٦)، غاليا فى مذهبه، ينتقص أبا عثمان، ولم يكن رآه قط، فبينما هو ذات ليلة، إذ رأى في منامه أنه يسعى (١٩٧) في زقاق لا يعرفه، حتى أفضى إلى درب، ثم إلى مسجد محتفل بالناس، وفى محرابه شيخ يتكلم عليهم، فكلما تكلم بكلمة خرج من فيه نور يملأ (١٩٨) المسجد، فاستيقظ، فلما أصبح (١٩٩) خرج يمشى. قال: فما شعرت إلا وقد أفضى بي المسير إلى زقاق، وإذا هو الذي رأيته في النوم، ثم بالدرب، ثم بالمسجد، على هيئة ما رأيت ذلك فى النوم، وإذا المسجد ملآن بالناس، وشيخ جالس فى المحراب، يتكلم عليهم كما رأيت، وإذا هو أبو عثمان، فتخطيتهم حتى * جثوت بين يديه، فسلمت، فرد على السلام، وقال لى: أنت فلان؟


(١٩٤) طا: مالي.
(١٩٥) ما بين قوسين ساقط من نسخة م.
(١٩٦) هكذا الاسم في معالم الايمان أيضًا، وفى نص طا: رواح.
(١٩٧) طا: يمشى.
(١٩٨) طا: ملأ.
(١٩٩) في بعض النسخ: أصبح الصباح.