للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان عالما باللغة، نافذا في النحو، عربى اللسان، جهير الصوت، إذا لحن في كلامه قال: "أستغفر الله" ثم كرر الكلام معربا، وإذا تكلف (١٨٤) الشعر أجاده.

قال أبو العرب التميمى: كان أبو عثمان ثقة فيما نقل (١٨٥)، عالما بالفقه، والكلام، والذب، والرد على الفرق، ومن أدهى الناس وأعرفهم فيما اختلفوا فيه.

وذكره أبو على بن أبي سعيد في كتابه فقال: أبو عثمان الفقيه المتكلم من وجوه أهل العلم ومشيخة أهل النظر، صحب أول حاله سحنون، وسمع منه، ونزع آخرا إلى مذهب الشافعي، من غير تقليد له، بل كثيرا ما يخالفه، ويعتمد على النظر والحجة، وكان يسمى المدونة "المدودة" (١٨٦) ونقض * بعضها، فرفضه أصحاب سحنون وهجروه، وأغروا به ابن طالب القاضي فهم به، ثم نشأت بينه وبينه صحبة، فكان له على بر (١٨٧) وبقى مهجور الباب (١٨٨)، قليل الأصحاب، إلى أن ناظر آخرا أبا عبد الله الشيعى وأخاه أبا العباس، عند دخولهما بدعوة بنى عبيد القيروان، فمالت إليه قلوب العامة، وأجمعوا على فضله.

وكانت له أوضاع في الفقه والجدل، وكان غاية في علم النحو، يحفظ كتاب سيبويه، ولم يكن بأفريقية أعلم بالنحو منه.

وذكره أبو العرب وابن حارث، في أصحاب سحنون، وطبقة المدنيين، ولم يذكر أنه مال إلى مذهب الشافعي كما زعم أبو على، ولا أنه عاب كتاب المدونة، بل ذكر ابن حارث: أن له ردا على الشافعي بعث به إلى المزني وابن أبي سعيد (١٨٩) وهؤلاء أعلم بأصحابهم.


(١٨٤) عند طا: تكلم.
(١٨٥) في بعض النسخ: ينقل.
(١٨٦) هكذا في بعض النسخ ومعالم الإيمان، وفى نسخ أخرى: المدومة.
(١٨٧) أ ط: فكان له على بر - م: وكان له صديقا.
(١٨٨) عند طا: مهجورا.
(١٨٩) طا: وابن أبي سعيد غير مقنع فيما نقله.