قال: وكان في دار الشبلى ديك يصيح بالليل، فأخذه ليلة فشده وطرحه في بيت فلم يصح، فلما أصبح قال له: يا مدع! انما كنت تذكره مع الرخاء فلما أصابتك الشدة لم تذكره، وسكت.
وكان لكثرة ما يعتريه ويظهر في الأحيان منه، يقول كثير من الناس: أنه مجنون، فرمى مرة في المارستان، فدخل عليه جماعة، فقال: من أنتم؟
قالوا محبوك.
فأقبل يرميهم بالحجارة، ففروا، فقال، ادعيتم محبتي، فاصبروا على بلائي.
وحكى القشيرى عن بعضهم قال: كنت مع الشبلى، ففتح عليه بمنديل حسن، فمر بكلب ميت ملقى على الطريق، فقال لي: احمل ذلك الميت، وكفنه في هذا المنديل، وادفنه.
وسرت فحملت الكلب في * المنديل، وطرحته في موضع، ثم غسلت المنديل وعدت إليه، فقال: فعلت ما أمرتك؟
قلت: لا. فسكت.
فقلت: أيها الشيخ! أي شيء كان السبب فيما أمرتني به.
قال: لما رأيته استقذرته، فنوديت في سرى: أليس نحن خلقناه؟
فقلت ما قلت.
قال: ويحكى أن الشبلى أرسل إلى رجل من أصحابه ابعث إلينا بشيء من دنياك.
فكتب إليه: سل دنياك من مولاك.
فكتب إليه الشبلي: دنياى حقيرة، وأنت حقير، وإنما يطلب الحقير من الحقير، ولا أطلب من مولاي غير مولاي.
وذكر أن ابنا له مات يسمى أبا الحسن، فجزعت أمه عليه، وقطعت شعرها، فدخل الشبلى الحمام، وحلق لحيته بالنورة، فكل من أتاه معزيا قال: ايش هذا يا أبا بكر؟ لم فعلت هذا؟