للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قصد بعد تمام المجلس، إلى رجل صالح، فأعلمه الخبر، وأفطر عنده، وباتا مجتهدين، يدعو أحدهما ويؤمن الآخر، في ظلمة الليل.

فلما كان بعد شهر، ونحن قعود عنده في الغرفة، إذ صعدت تلك العجوز، ومعها فتى، فأخبرته أنه ابنها، وأنه قد انطلق.

فسأله الشيخ عن أمره، فأخبره أنه كان يرعى للعلج غنما، فإذا كان الليل ضمه للمطمر وهو مكبول.

قال: فبينا أنا نائم ليلة كذا - الليلة التي دعا فيها الشيخ له - انفتح كبلى، فخفت من العلج أن يظن بي أني حللته فيعاقبني.

فلما أصبح عرفته، فأوثق الكبل، وزادني آخر.

فلما كان الليلة الثانية ونمت، انتبهت وقد انفتح الكبلان.

فضربت حائط المطمر، فأتى، فأعلمته، فأوثقهما وزاد ثالثا، ومضى إلى قوم كانوا * يسامرونه، فأعلمهم، فعجبوا.

فنمت، فانحلت الكبول كلها، فأعلمته، فعجب ومن كان معه.

وقصد إلى رجل كبير لهم، فأعلمه، فقال: أطلقه، أخشى أن تدور عليه دائرة، إن هذا من الله.

فأطلقني، والحمد لله.

قال أحمد بن عبد البر: روى عنه أحمد بن خالد، وابن أيمن، وأبو صالح، وابن ميسور، والأعناقى، في آخرين.

قال ابن خالد: وكان متواضعا، يحرث بيده، ويحصد، وينقل الزبل، وكنا نقرأ عليه في فدادينه وأندره والطريق، وكان من أحفظ الناس للمدونة والمسائل، وأضبطهم لها، لم يطلب قط من سلطان ولا من أحد من أهل الدنيا شيئا حتى مات.

وذكر ابن ميسور، أن العتبى سأله أن يكتب له شيئا من حديثه، ففعل، فلما كان بعد، أتاه العتبى وقال له: جئتك يا هذا على أحاديثك هذه لأرويها عنك.