للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقف موسى القطان على قبره صبيحة موته، فقال له رجل: لقد وفق الله جوار هذا الرجل الصالح - يعنى البهلول بن راشد نفعه الله به.

فقال القطان: فلعل البهلول ينتفع بأبي يوسف.

قال بعضهم: قلت لسعيد بن الحداد ذكر لي أن جبلة كان ينام على زنبيل وقطع نطع، وطوبة عند رأسه فوقها وسادة.

فقال سعيد: هو فوق ما تصف.

قال عبد الله بن سعيد: وكان جبلة لا يحب ما ظهر من الأعمال، كانت أعماله كلها خفية، خلا الزهد، فإنه كان يظهر عليه.

قال أبو بكر الزويلى: كان قوت جبلة في الشهر ثمنين شعيرا، يطحنها ويحملها في قلة، فإذا رأى الشمس تغيرت، خرج إلى الفحص، فأخذ ما وقع على يديه من بقل البرية، فجعله في قديرة على النار، ويجعل عليه قبضة من الدقيق، ويفطر على ذلك، هذا كان عيشه.

قال ابن سعدون: رأيته حين صلى المغرب أخذ عجينه، وذهب به إلى المستوقد، وقد طبخ فيه الناس وبقى الرماد، فحفر فيه بعود، وجعل القرصة فيه، وغطاها بالرماد، وجلس في ذكر ودعاء إلى أن أخذت قشرة، فأخرجها ونفضها، فقلت لأهل القصر: شيخ مثل هذا، ساكن بين أظهركم، يخدم نفسه!!

فقالوا لي: يا أبا بكر! له معنا أربعون سنة ما طبخ قدرا، ولا أوقد سراجا.

وراح يوما في قميص زوجته إلى الجمعة، وكان غسل قميصه، لم يجد سواها، فقيل له في ذلك، فقال: ما علمت منه إلا خيرا، طاهرة عفيفة.

وكان كثير الصدقة والمعروف، مع قلة ذات يده.