فلما ألح عليه قال: أنا في بلد غصب، فما كان الله ليراني أمشى فيه واحدًا في موضع لم أجبر عليه!!
فما رئ قط مشى فى غير طريق داره، إلا إلى المسجد، إلا يوم ماتت أم الأمير إبراهيم، وأرسل إليه أن يصلى عليها، فلم يجد من ذلك بدا.
قال أبو العرب: حضرته بالساحل، وقد كلف انسانا شراء زيت، فاشتراه له من نصرانى، طيب الأصل، وأخبره أنه زاد فيما اشتراه عشرة أقفزة، حين علم أنه له، وذلك بعد صرفه عن القضاء
فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إليه فقال: شكر الله سعيك، لعلك تتم اجمالك بصرف زيته إليه، وتأتيني بدينارى بعينه، وإلا فاترك الزيت له، وخذ منه دينارا فتصدق به.
ففعل الرجل ذلك، ثم اعتذر له عيسى لئلا يقع في * نفسه شيء، وقال له: خفت أن يميل قلبي إلى النصراني، لما ذكرت من مسارعته إلى حاجتي، فأدخل فى حكم قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (٣٨٨) الآية.
واشتهى يومًا لحما فاشترى له، فأعجبه، فقيل له: إنه معلوف.
فأبى أن يطعمه، فسئل عن ذلك، فقال: المعلوف يخلى عندنا على زيتون الناس وزروعهم.
قال السدرى: أتى عيسى عشية إلى المسجد، فقمت وأخذت الحصير لأفرشها له، فلم يجلس عليها، وجلس على الأرض، وكان إذا أصابها مفروشة جلس عليها.
قال بعض أصحابه: أراد عيسى أن يخرج إلى بعض المواضع، فدخلت أخرج متاعه، فلم أجد غير آنيتين، احداهما بخل، والأخرى بزيت، فقال لي: أصبب الخل على الزيت.