للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن طالب: كنت نائما قائلة، حتى انتبهت من نومى، فأنكرت ذلك، وعلمت أنه لأمر حدث، فقيل لي: رسول الحاجب بالباب.

فخرجت إليه في ثوب البيت، فقال لي: الحاجب الأمير يدعوك الساعة.

فقلت: أدخل وآخذ ثيابي علي نفسي.

فقال: لا.

فساءني، ودعوت بثيابي فلبستها، وسرت حتى وصلت إلى إبراهيم بن أحمد الأمير، فوجدته وبين يديه السيف مسلولا، فسلمت فرد علي، مسكن روعى لرده، ثم قال لي: أصبحت في يومى هذا ما أؤمل من أمرك شيئا، وقد عزمت على توليتك القضاء.

فأبيت.

فمد يده إلى السيف وقال: أن شئت القضاء، وإن شئت هذا.

فقلت: تأذن لي في صلاة ركعتين، أدعو وأستخير.

قال: افعل.

فصليتهما، واجتهدت في الدعاء والخيرة، فلما سلمت قال لي: ما الذي ظهر لك؟

قلت: أبقى الله الأمير! أن ولايتى على من لا ينفذ عليه القضاء، ليست بولاية.

فقال: على مفرق رأسى.

فقلت له: أبقى الله الأمير! تقدمت أيمان، فتأذن في الانصراف حتى انظر فيها، ثم أعود الساعة.

قال: افعل.

وكان ابن طالب قد حلف بجميع الأيمان قبل هذا ألا يلى قضاء أبدا، فخرج ابن طالب، فخالع زوجته، وباع عبيده، وتصدق بأمواله، وأخرجها عن ملكه، ثم رجع فقبل، وكتب له عهده، وأمر له بكسوة وصلة وحملان.