فقال: وأى عمل أفضل مما أنا فيه، من تأليف المجموعة.
ثم لزم العبادة والعمل، فمات إلى سنة.
قال أحمد بن نصر: كنت إذا دخلت إلى محمد بن عبدوس، وجدته قد جلس محتبيا متواضعا زائلا من صدر فراشه، فلا يعرف من لا يدريه أنه صاحب المجلس.
قال غيره: وكان إذا سمعته يصلى علمت أنه ممن يخشى الله تعالى.
وكان يركب على المسند.
قال حماس: فعاتبناه على ذلك وقلنا له: الناس ينظرون إليك ويقصدونك.
فما زلنا به حتى اشترى سرجا دنيا كالقتب، بعض السنود خير منه. قال محمد بن بسطام: كان مجلس ابن عبدوس في ركن المسجد، فإذا جاء السائل لم يعرفه، حتى يقال: ما هو؟
وربما كان على رأسه منديل مهلبي، فيركب بين السلال إذا خرج إلى منزله.
ولما انصرف من الحج، أعرض عن الكلام في مسائله، لئلا ينفتح له باب من الرأى يظهر له به نقص في حجه.
قال محمد بن بسطام: كنت في بيتى ليلة شاتية، إذ دق على الباب، فخرجت، فإذا محمد بن عبدوس وعليه جبة صوف، وقلنساة فرو، فقال لي: يا محمد! ما نمت الليلة غما بفقراء أمة محمد ﷺ، وهذه مائة دينار ذهبا، غلة ضيعتى هذا العام، احذر أن يمشي الليل وعندك منها شيء، وانصرف.
قال أبو الفضل الممسى (٢٨٦): صلى رجل خلف محمد بن عبدوس، فلما سمع قراءته سقط الرجل، فلما فرغ ابن عبدوس قام الرجل يقضى صلاته، فقال له ابن عبدوس: يا هذا! لا تصل حتى تسبغ الوضوء.