وأما محنته في القرآن، فذكر أبو إسحاق الشيرازي، أنه حمل في المحنة بالقرآن إلى بغداد، إلى ابن أبي داود، ولم يجب إلى ما طلب منه، فرد إلى مصر.
وقال غيره: ذكر أنه ضرب فى ذلك، وأدخل الكبريت تحت ثيابه، وأوقد على جوانب ثيابه (١٩٨)، فاحترقت ثيابه فتنحوا عنه، فهرب واستتر في دار امرأة.
وقيل أنه علق ودخن من تحته.
قال أبو عمر الكندي: لما أمر الواثق الناس بالمحنة في القرآن، ورد كتابه إلى أبي بكر الأصم، قاضى مصر، بأخذ الناس بذلك، فلم يبق فقيه، ولا مؤذن، ولا معلم. إلا أخذ بها، فهرب كثير من الناس، وملئت السجون ممن أنكرها، وأمر القاضى أن يكتب (المخلوق) على أبواب المساجد.
فذكر بعضهم أنه رأى مطرًا، غلام الأصم، يسوق هارون الأيلى بعمامته، وهى فى عنقه، وطيلسانه تحت عضده، وهارون ينادي على نفسه بالمخلوق، حتى أخرجه من المسجد، وطاف به الطرق كلها كذلك.
وأتى مطر إلى محمد بن عبد الحكم، فأخذ برجله، فوثب محمد، فلما هم مطر أن يتناول قلنسوته، بادر محمد فجعلها في كمه، فأطافه مطر، وهو ينادي بالمخلوق، فمضى به على حلقة المعتزلة، فقالوا له: الحمد لله الذي هداك يا أبا عبد الله.
ففى هذا يقول الجمل المصري من قصيدة، يمدح الأصم:
ومحمد الحكمي أنت أطفته … وأخاه، ينعق بالصياح الأجهر