للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقل جنانه، فذكر ذلك للأمير، فقال الأمير: والله ما أشك في فضل الرجل وورعه، وإنى لأظن الرافعين عليه، تألبوا بالباطل.

وأمر من ساعته بتوجيهه إلى قرطبة، فلما قدم، حلف ألا يستفتى يحيى بن يحيى، ولا زونان، ولا سعيد بن حسان.

فبقيت الأحكام معلقة إلى مقدم الأمير، فبلغه، فأنكر ذلك، فقال له: قد أقسمت على ذلك، وفى ألبيرة رجل من أهل العلم والتقدم، أستغنى به عنهم، يعنى عبد الملك بن حبيب.

فأقدمه وانفرد بفتياه.

قال ابن أيمن عن عمه (١٧٨): كنت يوما عند ابن معمر، إذ دخل عليه ابن حبيب، فلما اتخذ مجلسه قال له: قضية الآن، أحب أن تنفذ فيها بما أشرت به عليك، فهو الحق إن شاء الله.

وكان ابن معمر يريد أن يحكم فيها بقول ابن القاسم، فأفتاه ابن حبيب بقول أشهب.

فقال له ابن معمر. والله لا أفعل، ولا أخالف ما وجدت عليه أهل البلد من العمل على قول ابن القاسم.

فما زال التراجع بينهما حتى قام ابن حبيب مغضبا.

فقلت له: هذا الرجل قد انفرد عن أعدائك (١٧٩)، كأني به قد صار في عددهم، ثم يعزلونك ثانية.

فقال: بالعزل تخوفني؟ ليت بغلتي عجزت بي في سهلة المدور، منصرفا إلى أشبيلية.

وقد اختلفت الأخبار، هل مات معزولا أو قاضيا.


(١٧٨) قوله (عن عمه) ساقط من نسخة - ط -.
(١٧٩) ط: هذا الرجل قد انفرد عن أعدائك - أ، ك، م: هذا الرجل أبقه على أعدائك.