للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَقَالَ إِبراهيمُ الحَرْبِيُّ لِجَمَاعَةٍ عِنْدَهُ (١): مَنْ تَعُدُّوْنَ الغَرِيْبَ في زَمَانِكُم هذَا؟ فَقَالَ واحدٌ منهم: الغَرِيْبُ من نَأَى عن وَطَنِهِ، وقال آخرُ: الغَرِيْبُ منْ فَارَقَ أَحْبَابَهُ، وقال كلُّ وَاحِدٍ منهم شَيْئًا، فقَالَ إِبْراهيمُ: الغَرِيْبُ في زَمَانِنِا رَجُلٌ صَالحٌ عاشَ بينَ قَوْمٍ صَالِحِيْنَ، إِنْ أَمَرَ بالمَعْرُوفِ آزَرُوْهُ، وإِنْ نَهَى عنِ المُنْكَرِ أَعَانُوْهُ، وإن احتَاجَ إلى سَبَبٍ من الدُّنْيَا مانُوه، ثُمَّ مَاتُوا وَتَرَكُوْهُ.

وقَالَ محمَّدُ بنُ خَلَفٍ وَكِيْعٌ (٢): كان لإبْراهيمَ الحَرْبِيِّ ابنٌ، وكانَ لَهُ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، قد حَفِظَ القُرآن، ولَقَّنَهُ من الفِقْه شَيْئًا كَثيْرًا، قَالَ: فَمَاتَ، فجِئْتُ أُعزِّيه، قَالَ: فَقَالَ لي: كُنْتُ أشتَهِيْ مَوْتَ ابْنِي هذَا، قَالَ: قُلْتُ: يا أَبَا إسْحَق، أنتَ عالمُ الدُّنْيَا، تَقُول مثلَ هذا في صَبِيٍّ قَدْ أنْجَبَ، ولقَّنْتَهُ الحَدِيْثَ والفِقْهَ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ في النَّومِ كأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ، وكأنَّ صِبْيَانًا بأَيْدِيْهِم قِلَالٌ فيها مَاءٌ، يَسْتَقْبِلُوْنَ النَّاسَ يَسْقُونَهُم، وكأنَّ اليَوْمَ يومٌ حَارٌّ شَدِيْدٌ حَرُّهُ، فَقُلْتُ لأحَدِهِم: اسْقِنِي من هَذَا المَاءِ،


(١) الخبرُ في "تاريخ بغداد" قال: حدَّثَنِي عبدُ الوَهَّاب بن عبد العزيز بن الحارثِ التَّميميُّ قال: قُرئَ على أبي الحُسَيْن العتكي- وأَنَا أسمع- قال: سمعتُ إبراهيمَ الحَرْبِيَّ يقولُ لجماعةٍ عنده … ". وعبدُ الوهَّاب بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمِيْمِيُّ حَنْبَلِيٌّ ذكرَهُ المُؤَلِّفُ في موضعه، وهو من بيتِ علمٍ نَتَحَدَّثُ عنه في تَرجمته -إن شاءَ اللهُ تَعَالَى-، وهو غيرُ حَفِيْدِهِ عبدُ الوَهَّابِ بن رِزْقِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، فهذا الأخيرُ من تَرَاجم "الذَّيل لابن رَجَبٍ".
(٢) الخبرُ في "تاريخ بغداد" أيضًا بحُرُوفه تمامًا ماعدا قوله: "لست أبي" ففيه: "ليس أنت أبي" وكذلك هي في (ب).