للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قِيَلَ لَهُ: هِيَ وَاجِبَةٌ، والدّلالة على وُجُوْبِهِا مَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُوْلِ اللّه أَنَّه قَالَ (١): "يُعَقُّ عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ، وعَنِ الجَارِيَة شَاةٌ، لَا يَضُرّكُمْ ذكرَانًا كُنَّ أَمْ إنَاثًا" ورَوَى عَنْهُ أَنَّه قَالَ: "المُؤْمنُ مُرْتَهَنٌ بِعَقيْقَتِهِ" وأَنَّ النَّبيَّ "عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ" (٢) فالعَقيْقَةُ وَاجِبَةٌ بهَذَا السُّنَنِ، فَهَذَا دَلِيْلُ أَبِي بَكْرٍ.

(المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ والتِّسْعُوْنَ): قَالَ الخِرَقِيُّ: وإِذَا قَالَ لَهُ: يَا لُوْطِيُّ. سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ؟ فَإِذَا قَالَ: أَرَدْت أَنَّك مِنْ قَوْمِ لُوْطٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وإِذَا قَالَ: أَرَدْتُ أَنَّك تَعْمَلُ عَمَلَ لُوْطٍ: فَهْوَ كَمَنْ قَذَفَ بالزِّنَا، وكَذلِكَ مَنْ قَالَ: يَا مَعْفُوْجٌ (٣).

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ المَسْأَلةُ رَوَاهَا المَرُّوْذِيُّ، وهي قَوْلٌ قَدِيْمٌ، والعَمَلُ عَلَى مَا رَوَاهُ مُهَنَّى، أَنَّ عَلَيْهِ الحَدَّ.

وَجْهُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ: أَنَّه إِنَّمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا اللَّفْظُ صَرِيْحًا؛ لأنَّه يُحْتَمَلُ أَن يُرِيْدَ بذلِكَ: أَنَّه يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوْطٍ، فَيَكُوْنُ قَذْفًا صَرِيْحًا، ويُحْتَمَلَ: أَنَّه مِنْ قَوْمِ لُوْطٍ، أَوْ مُؤمِنٌ بلُوْطٍ فَلِهذَا رُجِعَ بِهِ إِلَيْهِ فِيْهِ، وكَذلِكَ قَولُهُ: يَا مَعْفُوْجُ، يُحْتَملَ يا مَعْفُوج (٤)، ويُحْتَمَلُ مفعول بِهِ. فَلِهَذَا رُجِعَ إلى تَفْسِيْرِهِ، أَوْ دِلَالَةِ حَالِهِ (٥).


(١) رواه أحمد في مسنده أيضًا (٦/ ٤٢٢).
(٢) مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (٤/ ٥٩).
(٣) المعفوجُ: المفعول به فعل قوْمِ لُوْطٍ.
(٤) في (ط): "مفلوج".
(٥) في (هـ): "حَالٍ".