للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي عبدِ الله رِوَايَةٌ أُخْرَى: الإقَالَةُ بَيْعٌ، اختَارَهَا أَبُو بَكْرٍ في "التَّنْبِيه" وَجْهُ الأوَّلَة (١) -وهيَ الصَّحِيْحَةُ- وبِهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ-: أَنَّ الإقَالةَ في اللُّغَةِ مَوْضُوْعَةُ لرفعِ الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَكَ، يَعْنِي رَفَعَهَا، وإِذَا كَانَ كذلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُوْنَ رَفْعًا للعَقْدِ وفَسْخًا لَهُ.

وَوَجُهُ الثَّانِيَةِ -وهِيَ مَذْهَبُ مَالِكٍ- أَنَّ الفَسْخَ في العُقُوْدِ: مَا كَانَ عن غَلَبةٍ، دُوْنَ مَا وَقَعَ عن اختِيَارٍ وتَرَاضٍ، دَلِيْلُهُ: سَائِرُ العُقُوْدِ.

(المَسْأَلَةُ الأرْبَعُوْنَ): قَالَ الخِرَقِيُّ: وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً ثَيِّبًا فَأَصَابَهَا واستَغلَّها، ثُمَّ ظَهَرَ فِيْهَا على عَيْبٍ، كان مُخيَّرًا بينَ أَنْ يَرُدَّهَا ويَأْخُذَ الثَّمَنَ كَامِلًا؛ لأنَّ الخَرَاجَ بالضِّمَانِ -والوَطْءِ كالخدِمْةِ- وبينَ أَن يأخذَ ما بين الصِّحةِ والعَيْبِ، وإن كانت بِكْرًا فأرَادَ ردَّها كان عليه ما نَقَصَهَا، إلَّا أنْ يَكونَ البائعُ قد دَلَّسَ، فَيَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمنِ كاملًا، وكذلِكَ سائرُ المَبِيعِ، وهي الرِّوايةُ الصَّحِيْحَةُ، وبها قَالَ مَالِكٌ؛ لأنَّ الوَطْءَ مَعْنًى لوْ حَصَل من الزَّوْجِ لم يَمْنَعْ منَ الرِّدِّ بالعَيْبِ، فَإِذَا حَصَلَ من المُشْتَرِي لَمْ يَمْنَعْ كالاستِخْدَامِ.

وفيه روايةٌ ثانيةٌ: إِذَا (٢) وُجِدَ الوَطْءُ لَمْ يَمْلُكِ الرَدَّ فِيْهِمَا، اختَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وبِهَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وأَبُو حَنِيْفَةَ. وقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَمْ يَمْلِكِ الرَّدَّ.

فالدِّلَالةُ لِمَا اختَارَهُ أَبُو بَكْرٍ أنَّه لَوْ رَدَّهَا بالعَيْبِ لانْفَسَخَ


(١) في (هـ): "الإقالة".
(٢) في (هـ): "إن وجد".