للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اللهُ ﷿ ورَسُوْلُهُ . فالرَّجُلُ يَنْبغِيْ لَه أَنْ يَسْعَى على نَفْسِهِ وعِيَالِهِ من فَضْلِ رَبِّهِ، فَإِنْ تَرَكَ ذلك على أَنَّه لَا يَرَى الكَسْبَ فهو مُخَالفٌ، وكلُّ أَحَدٍ أحقُّ بمالِهِ الَّذي وَرِثَهُ واسْتَفَادَهُ، أو أُوْصِيَ لَهُ بِهِ، أو كَسِبَهُ، لا كَمَا يَقولُ المُتَكَلِّمونَ المُخالِفُونَ.

والدِّينُ إِنَّمَا هو كتابُ اللهِ ﷿، وآثارٌ، وسُنَنٌ، ورِوَايَاتٌ صِحَاحٌ عن الثِّقَاتِ بالأخْبَارِ الصَّحِيْحَةِ القَوِيَّةِ المَعْرُوفةِ، يُصَدِّقُ بعضُها بعضًا، حتَّى يَنْتَهِيْ ذلك إِلى رَسُوْلِ الله وأَصْحَابِهِ رِضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ، والتَّابعِين وتَابِعِي التَّابعين، ومَنْ بَعْدَهُم من الأئمَّةِ المعرُوفين، المُقتَدَى بِهِم، المُتَمَسِّكِيْنِ بالسُّنَّةِ، والمُتَعَلِّقينَ بالآثارِ، لا يَعرِفُونَ بدعةً، ولا يُطْعَنُ فيهم بكَذِبٍ، ولا يُرْمَوْن بخلافٍ، ولَيْسُوا بأَصْحَابِ قِيَاسٍ ولا رَأْيٍ؛ لأنَّ القِيَاسَ في الدِّينِ بَاطِلٌ (١)، والرَّأيَ كَذَلكَ وأَبْطَلُ مِنْهُ، وأَصْحَابُ الرَّأيِ والقِيَاسِ في الدِّين مُبْتَدِعَةٌ ضُلّاَلٌ؛ إِلَّا أَنْ يَكونَ في ذلِكَ أثرٌ عمَّن سَلَفَ من الأئمَّةِ الثِّقاتِ. ومَنْ زَعَمَ أَنَّه لَا يَرَى التَّقْليدَ، ولا يُقَلِّدُ دينَهُ أَحَدًا؛ فهو قولُ فَاسِقٍ عِنْدَ الله ورَسُولِهِ ، إِنَّما يُريدُ بذلكَ إِبْطَالَ الأثَرِ، وتَعْطِيْلَ العِلْمِ والسُّنَّةِ، والتَّفَرُّدَ بالرَّأْيِ، والكَلَامَ، والبِدْعَةَ، والخلَافِ.

وهَذه المَذَاهبُ والأقَاويلُ الَّتِي وَصَفْتُ مَذَاهِبُ أهل السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ والآثَارِ، وأَصحابِ الرِّواياتِ، وحَمَلَةِ العلمِ الَّذين أدْرَكْنَاهُم، وأَخَذْنَا عَنْهُمْ الحَديثَ، وتَعَلَّمْنا مِنْهُم السُّنَنَ، وكانُوا أَئِمَّةً مَعْرُوفينَ، ثِقَاتٍ،


(١) أي مع وُجُودِ النُّصوص من الكتاب والسُّنَّة.