للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عَلَيْهِ - في كِتَابِهِ "إِبْطَالُ التَّأْوِيْلاتِ لأخْبَارِ الصِّفَاتِ".

فَأَمَّا الرَدُّ على المُجَسِّمَةِ لله فيردُّه الوَالِدُ السَّعِيْدُ بكِتَابِ، وذَكَرَهُ أَيْضًا في أَثْنَاء كُتُبِهِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى اللهُ جِسْمًا. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُوْصَفُ اللهُ تَعَالَى بأَكْثَرَ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. قَالَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ: فَمَن اعتَقَدَ أَنَّ اللهُ سُبْحَانَهُ جِسْمٌ مِنَ الأجْسَامِ، وأَعْطَاهُ حَقِيْقَةِ الجِسْمِ، مِنَ التَّأْلِيْفِ والانتِقَالِ فهوَ كَافِرٌ؛ لأنَّه غيرُ عَارِفٍ باللهِ ﷿. لأنَّ الله - سُبْحانه - يَسْتَحِيْلُ وَصْفُهُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وإِذَا لمْ يَعْرِفِ الله - سُبْحَانَهُ - وَجَبَ أَنْ يَكونَ كَافِرًا، وهَذَا الكِتَابُ عِدَّةُ أَوْرَاقٍ.

واعْلَمْ أَنَّ الله - سُبْحَانَهُ - اصْطَفَى رُسُلًا مِنْ خَلْقِهِ، فَبَعَثَهُم بالدُّعَاءِ إِلَيْهِ، والصَّبْرِ على مَا نَابَهُمْ (١) من جَهَلَةِ خَلْقِهِ، وامتَحَنَهُمْ من المِحَنِ بصُنُوْفٍ من البَلَاءِ، وضُرُوْبٍ من المِحَنِ والَّلأوَاءِ. وكلُّ ذلِكَ تَكْرِيْمًا لَهِمْ غَيْرَ تَذْلِيْلٍ، وتَشْرِيْفًا غَيْرِ تَخْسِيْرٍ ولَا تَقْلِيْلٍ.

وَكَانَ من أَرْفَع رُسُلِهِ عِنْدَهُ منزلةً أَشدِّهِم اجتِهَادًا، وأَخذًا في إِمْضَاءِ أَمْرِهِ، مَعَ البَلِيَّةِ بأَهْلِ دَهْرِهِ. قَالَ اللهُ ﷿ لِنَبيِّهِ : (٢) ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ (٣) وَقَالَ تَعَالَى (٤): ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ


(١) في (ط): "ما نالهم".
(٢) ساقط من (ط).
(٣) سورة الأحقاف، الآية: ٣٥.
(٤) سورة ص، الآية: ١٧.