للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

فبعثَ إِلَيْهُ أَبُو عبدِ اللهِ: إِنَّهم في كفايةٍ، فبَعَثَ إِلَيْه المُتَوَكِّلُ: إِنَّما هذَا لِوَلدِكَ، مَا لَكَ ولِهَذَا؟ فَقَالَ له أحمدُ: يَا عَمِّ، مَا بَقِيَ من أَعْمَارِنَا؟ كَأنَّك بالأمرِ قَدْ نَزَلَ بِنَا (١)، فاللهَ اللهَ، فإِنَّ أولادَنَا إِنَّما يُرِيْدُونَ يَتَأكَّلُونَ بِنَا، وإِنَّما هي أَيامٌ قلائلُ، لو كُشِفَ للعَبْدِ عمَّا قد حُجِبَ عَنْه لعَرَفَ ما هو عَليه من خَيرٍ أو شَرٍّ، صَبْرٌ قَلِيْلٌ، وثَوَابٌ طَوِيلٌ، إِنَّما هذه فتنةٌ، فَلَمَّا طَالَت علَّةُ أحمدَ كَان المُتَوَكِّلُ يبعثُ بابن ماسُوْيَهْ (٢) المُتَطَبِّبُ، فيَصِفُ له الأدْوِيَةَ، فلا يَتَعَالَجُ، فَدَخَلَ ابنُ مَاسُويه على المُتَوَكِّلُ، فقَالَ له المُتَوَكِّلُ: وَيْحَكَ، ابنُ حَنْبَلٍ، مَا نَجَحَ فِيْه الدَّوَاءُ؟! فَقَالَ لَهُ: يا أَميرَ المُومنين، إِنَّ أَحمدَ بنَ حَنْبَل ليستْ بِهِ عِلَّةٌ في بَدَنِهِ، إِنَّمَا هذَا من قِلَّةِ الطَّعَامِ، وكَثرةِ الصِّيَامِ والعِبَادَةِ، فَسَكَتَ المُتَوَكِّلُ.

وَلَمَّا تُوفيَ أَحْمَدُ وَجَّهَ ابنُ طاهرٍ (٣) الأكفَانَ، فَرُدَّت عَلَيْه، وقال عَمُّ


(١) ساقط من (ط).
(٢) اسمه يوحنَّا بنُ ماسُوَيْهِ، أَبو زكريَّا، طَبِيْبٌ سِرْيَانيُّ الأصلِ، عَرَبيُّ المَنْشأ، له مؤلفاتٌ في الطِّبِّ مشهورةٌ، خَدَمَ الرِّشيد والمأمونَ، وبقي إلى زمن المتوكل، وتوفي سنة (٢٤٣ هـ). يُراجع: أخبار الحُكماء للقِفطي (٢٤٨)، وطبقَات الأطبَّاءِ (١/ ١٧٥) وغيرهما.
(٣) محمَّد بن عبدِ الله بن طَاهرٍ الخُزَاعِيُّ (ت ٢٥٣ هـ) وَزيرٌ بَغْدَادِيٌّ مَشهورٌ، من بيت الرئاسةِ والوزارةِ. قال الخَطِيْبُ البَغْدَادِيُّ: "كان مألفًا لأهلِ العلمِ والأدَبِ". يُراجع: أخبارِ القضاةِ لوكيع (٣/ ٢٧٩)، وطبقات ابن المُعْتَزِّ (٣٩٦)، وبغداد لابن طيفور (١٥)، وتاريخ بغداد (٥/ ٤١٨)، وله ذكرٌ كثير في تاريخ الطبري (٩/ ٢٨٧، ٢٩٢، ٢٩٤، ٢٩٧، ٣٠١، ٣٢٩ … ) وغيره.