وَلَوْ أَقَامَ الْغَرِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَأَخَذَ مِنِّي الْمَال تُقْبَلُ، لأَِنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَكِيل بِنَاءً عَلَى إِثْبَاتِ سَبَبِ انْقِطَاعِ حَقِّ الطَّالِبِ عَنِ الْمَدْفُوعِ وَهُوَ قَبْضُهُ الْمَال بِنَفْسِهِ مِنْهُ فَانْتَصَبَ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنِ الْغَائِبِ فِي إِثْبَاتِ السَّبَبِ فَيُثْبِتُ قَبْضَ الْمُوَكِّل فَتَنْتَقِضُ يَدُ الْوَكِيل ضَرُورَةً، وَجَازَ أَنْ يُثْبِتَ الشَّيْءَ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ مَقْصُودًا. (١)
ب ـ أَمَّا إِذَا كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا كَالْوَدِيعَةِ وَقَال مُدَّعِي الْوَكَالَةِ: إِنِّي وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَصَدَّقَهُ الْمُودِعُ لَمْ يُؤْمَرْ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِقَبْضِ مَال الْغَيْرِ فَلاَ يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ إِبْطَال حَقِّهِ فِي الْعَيْنِ بِخِلاَفِ مَا إِذَا ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَصَدَّقَهُ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ أَقَرَّ بِمَال نَفْسِهِ إِذِ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لاَ بِأَعْيَانِهَا.
وَلَوْ هَلَكَتِ الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا مَنَعَ، قِيل: لاَ يَضْمَنُ، وَقِيل: يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ، لأَِنَّ الْمَنْعَ مِنْ وَكِيل الْمُودِعِ فِي زَعْمِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْعِ مِنَ الْمُودِعِ وَهُوَ يُوجِبُ الضَّمَانَ، فَكَذَا هَذَا.
وَلَوْ سَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إِلَيْهِ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْوَكَالَةَ يَضْمَنُ الْمُودَعَ، لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُوَدِعُ أَنَّهُ مَا
(١) تبيين الحقائق ٤ / ٢٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute