أَثَرُ الإِْغْمَاءِ فِي التَّبَرُّعَاتِ:
١٧ - سَبَقَ بَيَانُ أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةَ كُلَّهَا لاَ تَصِحُّ مِنَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَلاَ تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلاَ صَدَقَتُهُ وَلاَ وَقْفُهُ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مَغْلُوبُ الْعَقْل فَلاَ يَتَوَفَّرُ فِيهِ شَرْطُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ. وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَلأَِنَّ التَّصَرُّفَاتِ يُشْتَرَطُ فِيهَا كَمَال الْعَقْل وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ لَيْسَ كَذَلِكَ.
أَثَرُ الإِْغْمَاءِ فِي الْجِنَايَاتِ:
١٨ - تَقَدَّمَ أَنَّ الإِْغْمَاءَ عَارِضٌ وَقْتِيٌّ تَسْقُطُ فِيهِ الْمُؤَاخَذَةُ وَفَهْمُ الْخِطَابِ، فَإِنَّ حَالَةَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ هِيَ سَتْرٌ لِلْعَقْل يَنْشَأُ عَنْهُ فَقْدٌ لِلْوَعْيِ وَفَقْدٌ لِلاِخْتِيَارِ، لِذَلِكَ كَانَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْمُؤَاخَذَةِ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ الْبَيَانِ السَّابِقِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّهَا لاَ تَسْقُطُ. فَإِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ جَرَائِمُ أُخِذَ بِهَا. فَإِذَا انْقَلَبَ النَّائِمُ عَلَى غَيْرِهِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُعَامَل مُعَامَلَةَ الْمُخْطِئِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ. وَإِذَا أَتْلَفَ مَال إِنْسَانٍ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَ.
هَل يُعْتَبَرُ إِغْمَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَيْبًا؟
١٩ - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الإِْغْمَاءَ إِذَا تَبَيَّنَ فِي الزَّوْجِ أَوِ الزَّوْجَةِ عَقِيبَ عَقْدِ النِّكَاحِ يُبِيحُ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ فَسْخَ النِّكَاحِ إِذَا قَرَّرَ الأَْطِبَّاءُ الْيَأْسَ مِنَ الإِْفَاقَةِ، وَعِلَّتُهُ أَنَّ الإِْغْمَاءَ الْمُسْتَدِيمَ يَمْنَعُ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ الْمَقْصُودِ مِنَ النِّكَاحِ.
قَال الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ (الْجُنُونُ مُطْبِقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا. . .) وَمِثْلُهُ الإِْغْمَاءُ الْمَيْئُوسُ مِنْهُ بِقَوْل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute