وَبِالْجُمْلَةِ اخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَخَذَ التَّابِعُونَ الْعِلْمَ مِنْهُمْ، فَأَقْبَل أَبْنَاءُ كُل قُطْرٍ عَلَى مَنْ نَزَل فِي قُطْرِهِمْ يَسْتَفْتُونَهُمْ، وَيَرْوُونَ عَنْهُمْ، وَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمْ، وَلَمْ تَكُنِ الصَّحَابَةُ سَوَاءً فِيمَا يَعْلَمُونَ، وَلَمْ يَكُنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْفَظُ كُل مَا يَحْفَظُهُ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَكُونُوا سَوَاءً فِي اسْتِعْمَال الرَّأْيِ فِيمَا لاَ نَصَّ فِيهِ، وَلاَ فِي الأَْخْذِ بِأَخْبَارِ الآْحَادِ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَتَوَسَّعُ فِي الرَّأْيِ عِنْدَ عَدَمِ النَّصِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ الْوَرَعُ وَالاِحْتِيَاطُ عَلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ النُّصُوصِ وَالتَّمَسُّكِ بِالآْثَارِ.
أَهَمُّ مَرَاكِزِ الْفِقْهِ:
١٥ - تَرَتَّبَ عَلَى تَفَرُّقِ الصَّحَابَةِ فِي الأَْمْصَارِ وَاخْتِلاَفِ مَنَاهِجِهِمْ فِي الْفَتْوَى وَالاِجْتِهَادِ - لِمَا سَبَقَ بَيَانُهُ مِنْ أَسْبَابٍ - وَأَخْذِ التَّابِعِينَ فِي كُل مِصْرٍ عَمَّنْ نَزَل بِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وُجُودُ اتِّجَاهَاتٍ فِقْهِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْ أَشْهَرِهَا الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل الَّذِي سَادَ فِي الْحِجَازِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي الَّذِي ظَهَرَ فِي الْعِرَاقِ بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَمِنْ هَذَيْنِ الاِتِّجَاهَيْنِ كَانَ غَالِبُ الْفِقْهِ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُقَدِّمَةِ الْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ (الْجُزْءُ الأَْوَّل ف ١٦ وَمَا بَعْدَهَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute