وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَجُوزُ التَّكَسُّبُ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّنْعَةِ كَخِيَاطَةٍ وَغَيْرِهَا قَلِيلاً كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَثِيرًا لِحَاجَةٍ وَغَيْرِهَا، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ يُرَاعِي الْمَسْجِدَ بِكَنْسٍ أَوْ رَشٍّ وَنَحْوِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ مَكَانًا لِلْمَعَايِشِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُبْنَ لِذَلِكَ.
وَقُعُودُ الصُّنَّاعِ وَالْفَعَلَةِ فِيهِ يَنْتَظِرُونَ مَنْ يُكْرِيهِمْ بِمَنْزِلَةِ وَضْعِ الْبَضَائِعِ فِيهِ يَنْتَظِرُونَ مَنْ يَشْتَرِيهَا، وَعَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالْمَسَاجِدُ إِنَّمَا بُنِيَتْ لِلذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالصَّلاَةِ فَإِِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ خَرَجَ إِِلَى مَعَاشِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَْرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْل اللَّهِ} . وَيَجِبُ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ عَمَل صَنْعَةٍ لِتَحْرِيمِهَا فِيهِ.
وَلاَ يُكْرَهُ الْيَسِيرُ مِنَ الْعَمَل فِي الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ التَّكَسُّبِ كَرَقْعِ ثَوْبِهِ وَخَصْفِ نَعْلِهِ وَمِثْل أَنْ يَنْحَل شَيْءٌ يَحْتَاجُ إِِلَى رَبْطٍ فَيَرْبِطَهُ، أَوْ أَنْ يَنْشَقَّ قَمِيصُهُ فَيَخِيطَهُ.
وَيَحْرُمُ فِعْل ذَلِكَ لِلتَّكَسُّبِ (١) .
سَابِعًا: اعْتِبَارُ الْحِرْفَةِ فِي النِّكَاحِ:
١١ - الْكَفَاءَةُ فِي الْحِرْفَةِ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي حَقِّ الرِّجَال لِلنِّسَاءِ، لأَِنَّ
(١) كشاف القناع ٢ / ٣٦٦ - ٣٦٧، والمغني ٣ / ٢٠٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute