النَّقْضَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلاَفِ مَا يَهْزِل بِهِ كُلٌّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ لأَِنَّهُمَا إِمَّا أَنْ يَهْزِلاَ فِي أَصْل الْعَقْدِ - كَالْبَيْعِ مَثَلاً - أَوْ فِي قَدْرِ الْبَدَل، أَوْ فِي جِنْسِ الْبَدَل، وَنُبَيِّنُ فِيمَا يَلِي حُكْمَ كُلٍّ مِنْهَا وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ صُوَرٍ (١) .
الصُّورَةُ الأُْولَى: اتِّفَاقُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فِي أَصْل الْعَقْدِ:
١٢ - إِذَا اتَّفَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ عَلَى أَنْ يَبْنِيَا الْعَقْدَ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ، أَيْ عَلَى عَدَمِ رَفْعِ الْهَزْل، وَعَدَمِ الرُّجُوعِ عَنْهُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ، وَلَكِنَّهُ مُنْعَقِدٌ، لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، لَكِنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِعَدَمِ الرِّضَا بِحُكْمِهِ، فَصَارَ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْهَزْل كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَبَدًا، لَكِنَّهُ لاَ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ - كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ - لِعَدَمِ الرِّضَا بِالْحُكْمِ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ لاَ يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ بَاطِلٌ.
قَال صَاحِبُ شَرْحِ الْمَنَارِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاطِلاً لِعَدَمِ وُجُودِ حُكْمِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ
(١) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٤ / ٧، ٨، ١٢٤، وشرح الْمَنَار ص ٩٨١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute