صَرْفًا حَتَّى لَوْ بَاعَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ لاَ تَجُوزُ فِيهِ التَّوْلِيَةُ؛ لأَِنَّهُمَا فِي الذِّمَّةِ فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّوْلِيَةُ، وَالْمَقْبُوضُ غَيْرُ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ. (١)
حُكْمُ الْخِيَانَةِ فِي بَيْعِ التَّوْلِيَةِ:
إِذَا ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فِي التَّوْلِيَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، أَوِ النُّكُول عَنِ الْيَمِينِ، فَإِمَّا أَنْ تَظْهَرَ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أَوْ فِي قَدْرِهِ:
١٨ - أ - فَإِنْ ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ: بِأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا نَسِيئَةً ثُمَّ بَاعَهُ تَوْلِيَةً عَلَى الثَّمَنِ الأَْوَّل وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الْخِيَارُ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ؛ لأَِنَّ التَّوْلِيَةَ عَقْدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الأَْمَانَةِ، إِذْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اعْتَمَدَ عَلَى أَمَانَةِ الْبَائِعِ فِي الإِْخْبَارِ عَنِ الثَّمَنِ الأَْوَّل، فَكَانَتْ صِيَانَةُ الْبَيْعِ الثَّانِي عَنِ الْخِيَانَةِ مَشْرُوطَةً دَلاَلَةً، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرْطُ ثَبَتَ الْخِيَارُ كَمَا فِي حَالَةِ عَدَمِ تَحَقُّقِ سَلاَمَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْعَيْبِ.
وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا بَعْدَ الْهَلاَكِ أَوِ الاِسْتِهْلاَكِ فَلاَ خِيَارَ لَهُ، بَل يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ حَالًّا؛ لأَِنَّ الرَّدَّ تَعَذَّرَ بِالْهَلاَكِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْهَالِكِ وَيَسْتَرِدُّ كُل الثَّمَنِ كَمَا قَال فِيمَا إِذَا اسْتَوْفَى عَشَرَةً زُيُوفًا مَكَانَ عَشَرَةٍ جِيَادٍ وَعَلِمَ بَعْدَ الإِْنْفَاقِ، يَرُدُّ مِثْل الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ، وَقَال
(١) تبيين الحقائق ٤ / ٨٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute