وَمَحَل ذَلِكَ فِي الاِعْتِكَافِ الْمُتَتَابِعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ تَدَارُكُ مَا فَاتَهُ، فَكَأَنَّهُ قَال: نَذَرْتُ هَذَا الشَّهْرَ إِلاَّ كَذَا. فَيَكُونُ الْمَنْذُورُ شَهْرًا، وَالْمَشْرُوطُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّ فَائِدَةَ الشَّرْطِ عِنْدَهُمْ سُقُوطُ الْقَضَاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ.
أَمَّا لَوْ نَذَرَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا، فَلاَ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلاَّ لِمَرَضٍ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ زَمَنِ الْمَرَضِ، لإِِمْكَانِ حَمْل شَرْطِهِ هُنَا عَلَى نَفْيِ التَّتَابُعِ فَقَطْ، فَنُزِّل عَلَى الأَْقَل، وَيَكُونُ الشَّرْطُ قَدْ أَفَادَ هُنَا الْبِنَاءَ مَعَ سُقُوطِ الْقَضَاءِ (١) .
مَا يُفْسِدُ الاِعْتِكَافَ:
يُفْسِدُ الاِعْتِكَافَ مَا يَلِي:
الأَْوَّل - الْجِمَاعُ وَدَوَاعِيهِ:
٢٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ فِي الاِعْتِكَافِ حَرَامٌ وَمُبْطِلٌ لَهُ، لَيْلاً كَانَ أَوْ نَهَارًا، إِنْ كَانَ عَامِدًا. وَكَذَا إِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا لاِعْتِكَافِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٢) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ حُرْمَةَ الْجِمَاعِ وَإِفْسَادَهُ. لِلاِعْتِكَافِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنْ عَالِمٍ بِتَحْرِيمِهِ ذَاكِرٍ لِلاِعْتِكَافِ، سَوَاءٌ أَجَامَعَ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ خَارِجَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ نَحْوِهَا، لِمُنَافَاتِهِ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ. وَالْبُطْلاَنُ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَل، أَمَّا مَا مَضَى فَإِنَّهُ لاَ يَبْطُل فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى خِلاَفٍ
(١) الإنصاف ٣ / ٣٧٦، ومغني المحتاج ١ / ٤٥٧.
(٢) سورة البقرة / ١٨٧.