للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَانِيًا - أَمَانُ الأَْمِيرِ:

٧ - نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَمَانُ الأَْمِيرِ لأَِهْل بَلْدَةٍ جُعِل بِإِزَائِهِمْ، أَيْ: وَلِيَ قِتَالَهُمْ؛ لأَِنَّ لَهُ الْوِلاَيَةَ عَلَيْهِمْ فَقَطْ، وَأَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ فَهُوَ كَآحَادِ الرَّعِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ وِلاَيَتَهُ عَلَى قِتَال أُولَئِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ (١) .

ثَالِثًا - أَمَانُ آحَادِ الرَّعِيَّةِ

٨ - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ أَمَانُ آحَادِ الرَّعِيَّةِ بِشُرُوطِهِ، لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةٍ، وَقَافِلَةٍ وَحِصْنٍ صَغِيرَيْنِ عُرْفًا كَمِائَةٍ فَأَقَل: لأَِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَجَازَ أَمَانَ الْعَبْدِ لأَِهْل الْحِصْنِ، وَلاَ يَصِحُّ أَمَانُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ لأَِهْل بَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلاَ رُسْتَاقٍ، وَلاَ جَمْعٍ كَبِيرٍ؛ لأَِنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيل الْجِهَادِ، وَالاِفْتِيَاتِ عَلَى الإِْمَامِ.

قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَمَّنَ غَيْرُ الإِْمَامِ إِقْلِيمًا أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ، أَوْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا بَعْدَ فَتْحِ الْبَلَدِ، نَظَرَ الإِْمَامُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَبْقَاهُ وَإِلاَّ رَدَّهُ.

وَقَال النَّوَوِيُّ: وَضَابِطُهُ: أَنَّ لاَ يَنْسَدَّ بَابُ الْجِهَادِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ فَإِذَا تَأَتَّى الْجِهَادُ بِغَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَنْ أُمِّنَ، نَفَذَ الأَْمَانُ؛ لأَِنَّ الْجِهَادَ شِعَارُ


(١) كشاف القناع ٣ / ١٠٥، والمغني ٨ / ٣٩٨.