عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ عِبَارَةٌ عَنِ الْفِعْل، وَالْمَيِّتَ عَاجِزٌ عَنِ الْفِعْل، فَكَانَتْ هَذِهِ كَفَالَةً بِدَيْنٍ سَاقِطٍ فَلاَ تَصِحُّ، كَمَا لَوْ كَفَل إِنْسَانًا بِدَيْنٍ وَلاَ دَيْنَ عَلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ مَلِيئًا فَهُوَ قَادِرٌ بِنَائِبِهِ، وَكَذَا إِذَا مَاتَ عَنْ كَفِيلٍ؛ لأَِنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَتَصِحُّ كَفَالَةُ دَيْنِ الْمَيِّتِ؛ لأَِنَّ الْمَوْتَ لاَ يُنَافِي بَقَاءَ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّهُ مَالٌ حُكْمِيٌّ فَلاَ يَفْتَقِرُ بَقَاؤُهُ إِلَى الْقُدْرَةِ، وَلِهَذَا بَقِيَ إِذَا مَاتَ مَلِيئًا حَتَّى تَصِحَّ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَكَذَا بَقِيَتِ الْكَفَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُفْلِسًا، وَإِذَا مَاتَ عَنِ الْكَفِيل تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْهُ بِالدَّيْنِ، فَكَذَا يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ عَنْهُ وَالتَّبَرُّعُ.
وَمِثْل الْكَفَالَةِ فِي هَذَا الْوَصِيَّةُ، فَإِنَّهَا لاَ تَصِحُّ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ أَمْ لاَ. خِلاَفًا لأَِبِي يُوسُفَ فَلَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ لِلْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ؛ لأَِنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْوَصِيَّةِ فَلاَ يُزَاحِمُ الْحَيَّ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا، لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَإِنَّ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ فَلاَ تَصِحُّ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْمَيِّتِ لَغْوٌ. (١)
الرَّأْيُ الثَّالِثُ:
٩ - وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الذِّمَّةَ تَنْتَهِي
(١) بدائع الصنائع (٦ / ٦ ط -. الجمالية) ، فتح القدير (٨ / ٤٤٨ - ٤٤٩ ط. الأميرية) ، ابن عابدين (٥ / ٤٣١ - المصرية) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute