اسْتِعْمَال وَاقْتِنَاءُ الصُّوَرِ الصَّغِيرَةِ فِي الْخَاتَمِ وَالنُّقُودِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ:
٥٧ - يُصَرِّحُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الصُّوَرَ الصَّغِيرَةَ لاَ يَشْمَلُهَا تَحْرِيمُ الاِقْتِنَاءِ وَالاِسْتِعْمَال، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَةِ عُبَّادِ الصُّوَرِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهَا كَذَلِكَ. وَضَبَطُوا حَدَّ الصِّغَرِ بِضَوَابِطَ مُخْتَلِفَةٍ.
قَال بَعْضُهُمْ: أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لاَ تَبْدُو لِلنَّاظِرِ إِلاَّ بِتَبَصُّرٍ بَلِيغٍ. وَقَال بَعْضُهُمْ: أَنْ لاَ تَبْدُوَ مِنْ بَعِيدٍ. وَقَال صَاحِبُ الدُّرِّ: هِيَ الَّتِي لاَ تَتَبَيَّنُ تَفَاصِيل أَعْضَائِهَا لِلنَّاظِرِ قَائِمًا وَهِيَ عَلَى الأَْرْضِ. وَقِيل: هِيَ مَا كَانَتْ أَصْغَر مِنْ حَجْمِ طَائِرٍ. وَهَذَا يَذْكُرُونَهُ فِي بَيَانِ أَنَّهَا لاَ تُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي. لَكِنْ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: ظَاهِرُ كَلاَمِ عُلَمَائِنَا أَنَّ مَا لاَ يُؤَثِّرُ كَرَاهَةً فِي الصَّلاَةِ لاَ يُكْرَهُ إِبْقَاؤُهُ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الصُّورَةَ الصَّغِيرَةَ لاَ تُكْرَهُ فِي الْبَيْتِ، وَنُقِل أَنَّهُ كَانَ عَلَى خَاتَمِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذُبَابَتَانِ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةَ: لَوْ كَانَ عَلَى خَاتَمِ فِضَّةٍ تَمَاثِيل لاَ يُكْرَهُ، وَلَيْسَتْ كَتَمَاثِيل فِي الثِّيَابِ؛ لأَِنَّهُ صَغِيرٌ. (١) وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْل عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا الصُّوَرَ فِي الْخَوَاتِمِ، فَكَانَ نَقْشُ خَاتَمِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلاً
(١) ابن عابدين ١ / ٤٣٧، ٥ / ٢٣٠، والدر بحاشية الطحطاوي ١ / ٢٧٤، وفتح القدير وحواشيه ١ / ٣٦٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute