وَقَال الْبُهُوتِيُّ: إِنْ اسْتَوَى الدَّاعِيَانِ فِي الدَّعْوَةِ أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا؛ لأَِنَّ كَثْرَةَ الدِّينِ لَهَا أَثَرٌ فِي التَّقْدِيمِ كَالإِْمَامَةِ، ثُمَّ إِنِ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا لِمَا فِي تَقْدِيمِهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، ثُمَّ إِنِ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اجْتَمَعَ دَاعِيَانِ فَأَجِبْ أَقْرَبَهُمَا بَابًا، فَإِنَّ أَقْرَبَهُمَا بَابًا أَقْرَبُهُمَا جِوَارًا ثُمَّ إِنِ اسْتَوَيَا يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا، إِلاَّ أَنْ يَتَّسِعَ الْوَقْتُ لإِِجَابَتِهِمَا فَتَجِبُ الإِْجَابَةُ. (١)
سَادِسًا: أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ قَاضِيًا:
٣٤ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِجَابَةِ الْقَاضِي الدَّعْوَةَ إِلَى الْوَلِيمَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ آرَاءٍ:
الأَْوَّل: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ " الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى الرَّاجِحِ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الصَّحِيحِ إِلَى جَوَازِ حُضُورِ الْقَاضِي؛ لأَِنَّهُ إِجَابَةٌ لِلسُّنَّةِ وَلاَ تُهْمَةَ فِيهِ كَمَا قَال الْحَنَفِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهَا خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ خُصُومَةٌ فَلاَ يَحْضُرُهَا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى إِيذَاءِ الْخَصْمِ الآْخَرِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا كَثُرَتِ الْوَلاَئِمُ وَقَطَعَتْهُ عَنِ الْحُكْمِ تَرَكَهَا فِي حَقِّ الْجَمِيعِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الإِْجَابَةُ كَغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، وَرَأْيٌ عِنْدَ
(١) كشاف القناع ٥ / ١٦٩، والإنصاف ٨ / ٣٣٤ ـ ٣٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute